مع إطلالة صباح كل خميس تتهافت جموع من المحبين والعشّاق من مختلف بقاع المملكة للدلوف إلى أقدم سوق شعبي في التاريخ الحاضر لتجارة الطيور في مكةالمكرمة، وسط غياب تام للتنظيم والنظافة، حيث يقف باعة جائلون من جنسيات مختلفة بغرائب وعجائب الطيور من الحمام والببغاء والدجاج وطيور الحب التي تأتي من كل بقاع الأرض. ورصدت «الشرق» خلال جولتها باكرا للسوق غيابا واضحا للتنظيم، وسيطرة للعشوائية المربكة داخل السوق، كان أبرزها وجود ثلاثة مزادات لبيع الطيور في مساحة لا تتجاوز 900 متر مربع، وسط عرض صاخب لأنواع من الأطعمة المكشوفة التي تفتقر لأدنى اشتراطات السلامة الصحية، فضلاً عن الازدحام الشديد في مواقف السيارات وداخل السوق، إلى درجة أن يضطر المتسوق إلى التوقف عن الحركة لحظات حتى يمر العابرون من أمامه، إضافةً إلى وجود سوق للخضراوات إلى جانب السوق، وثلاجات مركزية لبيع المواد الغذائية. وبين عروض مختلفة لأنواع من الأقراص المقلدة والأسلحة الخفيفة كالسكاكين والسواطير، يلفت انتباه الزائر عراكات جانبية بين بعض الباعة، سرعان ما تنتهي وتنفض، رغم أن بعضها لا يكاد يخلو من إصابات قد يكون بعضها بليغا. وغير بعيد، على ناصية السوق من الجهة الجنوبية تتراءى للزائر معروضات من التراث القديم كالمصوغات النسائية القديمة من خواتم وخلاخل، ومعروضات جلدية لبعض الحيوانات، حيث استوقفنا أحد رواد السوق وسألناه عن أسعار البيع والشراء داخل السوق، فأكد أن معروضات السوق تمتاز بالندرة نظراً لقدم السوق، ولهذا فإن الأسعار تصبح غالية جداً، وقال أبو خالد الزهراني « الحراج مشهور بالقدم من أيام حضور حجاج إفريقيا حيث كانوا يحضرون طيور الببغاء من بلادهم نظرا لقدرتها على الكلام وتقليد أصوات البشر فتتفاوت أسعارها من 1500 ريال إلى أكثر من ثلاثين ألف ريال للطير الواحد بحسب نوع وفصيلته»، مشيراً إلى أنه من عشاق السوق منذ أمد طويل، مستدركاً أن السوق بحاجة إلى تنظيم أكثر خصوصاً من ناحية، وعدم السماح للسيارات بالدخول إلى بطن السوق من ناحية أخرى، لما تسببه من ضيق وزحام فضلاً عن الإزعاج المتعمد من بعض الشبان وبالذات من هواة ركوب الدراجات النارية. ويؤكد مرتاد آخر أنه يستغل ذهاب أهله للمسجد الحرام، للمجيء إلى الحراج للبيع والشراء ، وقال أحمد بحلص « كل شيء جميل في السوق لكن ما يزعجنا هنا سيطرة الأجانب على السوق، فالمعروف أنه لا يحق لهم المزايدة على ابن البلد ولا يحق لهم منافستنا في أماكن رزقنا والتي ورثنها من آبائنا وأجدادنا فانظر حولك تجد العجب حيث أصبحوا يقيمون مزادات ويعلنون عنها في الحراج بلوحات». وشدد على أنه حاول الحصول على تصاريح لفتح محل خاص لبيع الطيور، ولكنه فشل في ذلك حتى تخلى عن الفكرة تماماً، والله تعبت حتى تخليت عن الفكرة بسبب كلمة ممنوع فتح محال طيور جديدة إلا إنني تفاجأت بوجود عمالة فتحت وأنا ما زلت أراجع»، معبراً عن أسفه الشديد في تحكم هؤلاء الأجانب في السوق بينما نصبح لهم نحن العمال كما أن الموقع يمتلي بالمياه عند نزول المطر فلا يوجد تصريف له. وكان الناطق الإعلامي في وكالة الخدمات في أمانة العاصمة المقدسة أكد قبل نحو عام، انتقال الحراج إلى موقعه الجديد في حي الكعكية، نظرا للمشروعات الخاصة بتطوير المسجد الحرام، بدورها، أجرت «الشرق» عدة اتصالات بالناطق الإعلامي في وكالة الخدمات سهل مليباري وأرسلت له عدة رسائل، دون أن تتلقى منه أي رد، فيما أفاد الناطق الإعلامي في أمانة العاصمة المقدسة عثمان مالي أن هذا الموضوع من اختصاص الناطق الإعلامي في وكالة الخدمات وهو المخول بالرد. عامل نظافة يجمع الصناديق الورقية الفارغة