فهد العوني العنزي تميزت بلادنا بمعجزات ربانية، منها أنها مهبط الوحي، وحباها الله بدعوة نبوية” “رب اجعل هذا البلد آمنا” ووهبها الله قيادة رشيدة، حيث قيض لها رجل معجزة في عصره، بفكره وحنكته، الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، إنسان استطاع، بعد توفيق الله، ثم بصبره وصدقه مع ربه، أن يوحد هذه البلاد بعدما كانت تعج بالفتن والحروب الطاحنة بين قبائلها، ومن ثم جاء أبناؤه البررة وأكملوا ما قام بتأسيسه رحمه الله، واكتمل البناء وأصبح يسر الناظرين. بلادنا العزيزة تحتوي الكثير من الثروات، سواء ثروة العقول، وهي الأساس، أو الأموال، ولكننا مقارنة بما نمتلكه من إمكانات مادية وبشرية، ما زلنا متأخرين عن ركب الحضارات، إذ تقدمت علينا دول كثيرة ويا للمفارقة العجيبة! أصبح من الواضح أن ثمة مشكلة تعيق تقدمنا، يا ترى ما هي؟ دعونا نبدأ في تشخيص سبب تأخرنا مقارنةً بهذه الدول. بداية نحن لدينا قيادة رشيدة دستورها القرآن، وهذه نعمة كبرى تستوجب الشكر، أيضا لدينا وزراء دائماً يحثهم قائدنا المفدى حفظه الله على خدمة الشعب، وأن درجة رضى المواطن هي المقياس الحقيقي لتقييم سير عملهم لديه، أيضاً بالنسبة للمال لدينا ميزانيات تحمل أرقاماً فلكية يعجز العقل البشري عن حسابها، بالرغم من ذلك ما زلنا متأخرين عنهم! أعتقد أن المشكلة تكمن فينا نحن، تشمل الموظف الصغير الذي قصر في عمله، وأهمل واجباته، فهو يساهم في الهدم، الموظف الكبير الذي أخل بأمانته وانشغل بمراقبة زيادة رصيده من جيوب المواطنين، هو أيضاً معول هدم، الشيخ الكبير الذي قصر في عرض نصائحه وتجاربه وعصارة فكره من الخبرة الطويلة لجيل اليوم، أعتقد أنه ساهم في تأخرنا، المعلم والمعلمة في فصولهم، الذين لم يسهموا في حل المشاكل والانحرافات الأخلاقية والسلوكية التي يجلبها شباب وفتيات اليوم رجال وأمهات المستقبل، هم أيضاً سبب في عدم تقدمنا، ربة المنزل (الأم) التي أخلت بواجباتها في بيتها، ولم تهتم بتوجيه أبنائها وتركتهم صيداً سهلاً للمربيات والشغالات، اللائي يقمن بقولبتهم بأفكار تنافي تقاليدنا وثقافة مجتمعنا. وهكذا، أعتقد أنّ الجميع مقصر، حتى من ينعت نفسه بالعاطل ويشكو من تنكر المجتمع له، عليه مسؤولية، أليس ذلك العاطل هو الآخر ساهم في الهدم بعدم تأهيل نفسه؟ بالرغم من أننا نوفر له التدريب المجاني والدورات التي يعطى عليها مكافآت مدفوعة الثمن، وكذلك البعثات الخارجية التي أتيحت له، بعد ذلك كله يبقى متواكلاً، ويرفض التغيير، وينتظر السماء تمطر عليه ذهباً في فراشه! ألم يعلم أن اليابان نهضت من تحت ركام (هيروشيما) بفكرة شخص وشاب مثله حمل هم وطنه ومجتمعه؟ ألم يعلم أن أمريكا توحدت بفكرة شخص؟ ألم يسمع عن مهاتير محمد في ماليزيا؟ وعن أردوغان في تركيا؟ وعن المبدعين حول العالم الذين غيروا التاريخ وقلبوا مساراته؟ ألم يسمع عن بيل جيتس وستيف جوبز؟ حقيقة الأمثلة كثيرة والتي يبدأها أناس عاديون وبعيدون كل البعد عن السلطة، وحتى من الممكن بعضهم توفي وهو لم يقابل حاكم بلاده، ولكن حتماً سمع الجميع بمنجزاته وما أحدثه من نقلة نوعية في بلاده. لنكن صرحاء، أعتقد أننا نحن السبب بما هو حاصل لنا، كل فيما يخصه وأيا كان عمله وأيا كان موقعه حتما يوجد لديه خلل، ولا عذر لنا بعد اليوم في ظل قيادة رشيدة تعمل على رعاية شعبها. إننا أبناء وطني المعطاء لن ننهض إلا إذا اعتبرنا بهذه الآية الكريمة التي تقودنا إلى توجيه رباني حكيم “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” نعم أنا وأنت وهو، لابد أن نتغير للأحسن، وحسبنا فيما بيننا التكافل والتعاضد بالنصح والمؤازرة لبعضنا البعض، فإذا سرنا بمنهج هذه الآية الكريمة، وكلٌ منا شعر بالمسؤولية، وأدى الدور والواجب المناط به، سنصبح مجتمعاً مثالياً ومنجزاً ومنتجاً، مجتمع جميعه قلب نابض بالتغير والسمو نحو الأفضل، مجتمع فاضل يطمح لتحقيق أهدافه السامية، وسيحققها إذا فعل ذلك. لماذا لا ننظر لأعمالنا وما حملنا من أمانة مراعين بذلك الضمير والرقيب الذاتي والمصلحة العليا. إذا فعلنا هذا سوف ننهض، ونصل لمبتغانا بإذن الله، أما إذا عملنا خلاف ذلك، وبقينا نتقاذف الكرة فيما بيننا، بينما قطار التقدم والتطور يسير وبسرعة فائقة، لن نستطيع اللحاق به، وسنبكي على ما فرطنا، ولن ينفع الندم.