جدة – عبدالعزيز الخزام العالم لا يفكر في غزونا فكريا بل نحن من نبحث عن الغزو الفكري عاد الدكتور عبدالله الغذامي إلى النادي الأدبي الثقافي بجدة، مساء أمس الثلاثاء، بعد قطيعة استمرت عدة سنوات، وقدم محاضرة «التحولات الثقافية وثقافة ما بعد العولمة» أثبتت أنه واحد من أكثر الكتاب نجاحاً في المملكة. وكانت المحاضرة استثنائية في موعدها، وفي عدد متابعيها، حيث بدأت بعد صلاة المغرب مباشرة، واستمرت إلى ما بعد العشاء (كانت فعاليات النادي المنبرية تقام بعد صلاة العشاء)، وتم بثها للجمهور مباشرة عبر موقع النادي على الشبكة، لأول مرة في تاريخ النادي. واستعرض مقدم المحاضرة، الدكتور سعيد المالكي، مسيرة المحاضر وجهوده في الساحة الثقافية في لمحة سريعة، قبل أن يتحدث الدكتور الغذامي، مبدياً سروره بعودته إلى النادي «بعد سبع سنوات عجاف» قاطع فيها النادي، الذي ارتبط به وجدانيا طوال السنوات الماضية. وقال إنه سعيد بعودة الانتخابات للنادي وبجلوسه على منبره بجوار رجل منتخب. وبدأ الغذامي محاضرته بعبارة، قال إن المحاضرة تنبني عليها، وهي «إن أهم خاصية للجسد الإنساني، هي أنه يتغذى بأشياء غير جسدية، ولكنها تتحول إلى أشياء جسدية» مبينا أن هذا الأمر ينطبق على الثقافة أيضا. وأضاف أن «المحلية انتهت ونحن نتعامل الآن مع الكونية. المحلية لم تعد قائمة، وتبعا لذلك فإن الخصوصية انتهت» موضحاً أن «العالم الآن أصبح بيتا من زجاج، وجميعنا أصبحت بيوتنا من زجاج». وزاد بأن العالم أصبح على كف شاشة وأن الكلمة أصبحت أسرع من التفكير، مبيناً أنه تبعا لهذا، فإن أول شيء سقط هو الخصوصية. وفي تأمله لمصطلح الخصوصية، ذكر الغذامي عدة عناصر، أولها أننا اكتشفنا أن الخصوصيات التي نمتلكها يمتلكها غيرنا أيضا، وأن الخصوصية تقوم على فرضيتين غير حقيقيتين، هما: أن الهوية واحدة، والثقافة واحدة، والواقع يقول إن هناك هويات وثقافات متعددة. واعتبر الغذامي أن «السعودي» لا يمكن أن يكون له مكان في هذا الكون إلا بشيء واحد، وهو أن يكون تحت إطار العالمية، مضيفا أن الإسلام للكون كله «الإسلام ليس لنا، ولكنه علينا، وكلما جعلناه للعالم صار إسلاما». وبين أن قولنا هذا سعودي مسلم يتناقض مع الرسالة، «أنت سعودي يجب عليك أن تكون عالمياً، ولبس الثوب ليس خصوصية، ولكنه مسؤولية»، معتبرا أن هذا الأمر أسقط الخصوصية السعودية. وأشار الغذامي إلى أن عنوان المحاضرة يشير إلى العولمة، وأنه يشير إلى المحلية. وقال إن العولمة والمحلية سقطتا. «العولمة أرادت صياغة العالم بنموذجها المعمم، فشدت الحبل إلى أقصاه فانكسرت، والعالم اليوم بكل مستوياته يرفض العولمة». وتابع «وفي المقابل المحلية انزوت إلى داخل الخباء فصارت عمياء لا ترى، والذي حل بديلا، هو تعدد الهويات والثقافات». واعتبر الغذامي أن الهويات المتعددة لها مشاكلها أيضاً، معتبراً أن أوروبا تمثل للباحث كتاباً مفتوحاً وأن الذي جرى فيها خلال العشرين عاماً الأخيرة، كشف كثيرا مما حدث نتيجة لهذا الواقع مثل «الإسلام فوبيا» الذي جاء نتيجة للتعددية الثقافية. وأوضح أن مفهوم الحرية من أخطر القضايا، قائلا إنه توصل إلى عنوان قد يكون صادما لكثير وهو عنوان الحرية أو الديمقراطية، معتبرا أن مصطلح الحرية سيظل إشكالية بين معنيي القمع و»الفردانية»، وأنه لابد من تحريرها منهما حتى تكون حرية للأمام. بعد ذلك ضرب المحاضر أربعة أمثلة تدلل على أن أوروبا كتاب مفتوح، وهي «الهولوكوست»، والرسوم الدنماركية والحجاب والاحتساب، الذي اعتبر أنه أصل من أصول الثقافة الإسلامية. وبخصوص الغزو الفكري، اعتبر الغذامي أن العالم لا يفكر في غزونا فكريا، بل إننا نحن الذين نبحث عن الغزو الفكري وجريٍ وراء فكر الغرب. واختتم الغذامي محاضرته بقوله «العولمة انتهت سياسيا واقتصاديا وثقافيا. العالم ينفتح على التنوع. نحن هويات ونحن ثقافات ونحن تعدد». وبعد نهاية المحاضرة دشن النادي الهوية المؤسسية للنادي في عرض على الشاشة نال إعجاب الحضور.