أكد الباحث علي مغاوي أن المجتمع ساهم في بناء العمران في منطقة عسير، في الماضي. وقال مغاوي، في محاضرة ألقاها في نادي أبها الأدبي، أمس الأول: «لم يكن يخطر في بال أحد في عسير أن يعمِّر وحيداً، وإنما المجتمع هو الذي يعمر، ولم يكن بإمكان أحد أن يتخلى عن تقديم المساعدة والمشاركة». وأضاف أن هذه المباني بنيت «بالشيم، وسماحة الخاطر، والتعاون»، قبل أن يعرض فيلماً عن النسق العمراني في عسير والمواد المكونة للعمارة من حجر المرو والكحل والكرس والطين والخلب، وتوضيح وظيفة كل نوع، ومسميات العمال، والأهازيج التي كانوا يرددونها عند البناء، ومشاركتهم في حمل «المَعْدل». ونظم المحاضرة، المعنونة ب»ملامح من الثقافة التقليدية في عسير»، مؤسسة التراث الخيرية، في مقر نادي أبها الأدبي، أدارها الدكتور أحمد ماطر.وكان مغاوي استهل محاضرته بالحديث عن الانفصام بين الجيل الحاضر والجيل الماضي، والفرق في العلاقات قديماً بين أهالي القرية، وبين العلاقات في الوقت الحالي.وتحدث عن نسقين من التراث هما نسق العمران، ونسق الفلاحة، وقال إن منطقة عسير جزء من «اليمن التاريخي»، والمقصود به كل ما هو جنوب الكعبة المشرفة، موضحاً أنه عرض، في أمريكا، شيئاً من تراث عسير، فقالوا «هذه اليمن». وفي حديثه عن نسق الفلاحة، أوضح أن هناك نوعين من أنواع الفلاحة، هما «العثري»، وهو ما يزرع على ماء المطر، و»السُّقا» وهو ما يسقى من الآبار والأودية، مؤكداً خبرة الأهالي قديماً بالمنازل ومواقيت الأمطار ومواسم الحرث بدقة كاملة. وتطرق المحاضر إلى أنواع المحاريث وأجزائها وآلات الزراعة والحصاد مثل «اللوما» و»الجهاز» و»المضمد»، ومواعيد بذر القمح في السراة، وأهازيج الفلاح. وعرض صوراً لمراحل الزراعة والحصاد. وفي رده على سؤال حول حماية ما تبقى من التراث، ضرب المحاضر أمثلة بأجانب أتوا إلى المملكة واهتموا بتراثها، ومنهم «تيري ميجور» الذي ترك عمله في مجال الرادار، وجمع نقوشاً من بلاد قحطان، وبيشة، وبني شهر، ودخل بها جامعة السوربون وألف فيها كتباً. وقال «أما نحن فلو طلبنا من شخص أن يشتري لوحة عن النقش العسيري من اللوحات التي تنتجها الأسر المنتجة، لفضل شراء لوحة من الصين ليزين بها بيته».