هناك حقيقتان مؤكدتان بالأرقام ولا يمكن الجدال فيهما الأولى: أن بلادنا تتعرض لسيل من تهريب المخدرات على طول الحدود البرية والبحرية على يد مافيات تنطلق من دول إقليمية مجاورة، والثانية: هي الجهود الكبيرة والناجحة لإدارة مكافحة المخدرات متمثلة في الكميات المهولة التي يتم ضبطها والأشخاص الذين يتم القبض عليهم والشهداء الذين دفعوا حياتهم لحماية الأمة من خطر المخدرات، لكن غير الحقيقي هو أن يقرر أحد مسؤولي مكافحة المخدرات في محاضرة ألقاها في دار الملاحظة الاجتماعية ونقلتها الشرق أن النكات التي يتم تداولها عن الذين يتعاطون مادة الحشيش في مجملها هجمات ترويجية مخططة لإظهارها بأنها عالم من السعادة والأنس وفي الواقع غير ذلك، لأننا لو أخذنا كلامه على محمل الجد والحقيقة لكان على مجلس الشورى أن يوصي بإضافة بنود تحرم التنكيت وتعتبره جريمة يعاقب صاحبها بتهمة تعاطي نكت المحششين وتقسم النكات إلى أصناف بحسب قوة النكتة أو سماجتها، وكلما كانت نكتة المحشش مضحكة أكثر زادت العقوبة لأنها تحقق أهداف الهجمات الترويجية المخططة، بينما المفروض أن توضع عقوبات لأصحاب النكات البايخة أو التي دمها ثقيل سواء كانت عن المحششين أو عن غيرهم. التنكيت وسيلة من وسائل التعبير الاجتماعي الشعبي تجاه أمور لا يمكن الاقتراب منها بصورة مباشرة اجتماعية أو سياسية، وكلما كان الضغط السلطوي أقوى انطلقت النكات بصورة أكثر سخرية وإضحاكا، وفي التراث العربي القديم كان الناس يستخدمون عقلاء المجانين في نكاتهم للنقد الاجتماعي والسياسي حيث يستحضرون المجنون الذي رفع عنه القلم والتكليف والمحاسبة وفي نوبة من نوبات العقل يقول النكتة المطلوبة ثم يعود إلى جنونه ولا أحد يحاسبه، وفي نكات المحششين يستخدمون المحشش وهو الشخص الفاقد القدرة على الاتزان والتحكم في عقله ليقول النقد السياسي والاجتماعي من هذا المنطلق وخارج حدود المنطق وهو نوع من تسويغ قبول النكتة والنقد الذي تحمله وليس هدفها نشر المخدرات وتسويغ قبولها، واستبدال بعض القبائل والطوائف بالمحشش نوع من الوعي الاجتماعي كاستبدال المصريين نكات الصعايدة بواحد بلدياتنا، ولانتشار المخدرات ومنها الحشيش أسباب أخرى كثيرة أظن أن لدى الإدارة العامة دراسات كثيرة عنها إلا إذا أخذنا رأي المسؤول من باب التحشيش.