«قنديل البحر» هو حيوان هلامي، ينتمي إلى فصيلة الرخويات المائية. ويفرز مادة سامة لاصقة عند لسعه جلد الإنسان، فتترك ندوباً وحروقاً شديدة الإحمرار. وعندما كثُرت القناديل على الشواطئ، تحركت، جمعيات البيئة ورفعت الصوت عالياً، ومعها أصحاب المسابح والمنتجعات البحرية، وبدأت بعقد الاجتماعات وإقامة الندوات مستعينة بكبار علماء البحار، وذلك بهدف الوصول إلى حلول وعلاجات من شأنها أن تحدّ من هذا التكاثر المخيف ومعرفة أسبابه. وجاءت نتائج الدراسات والأبحاث والإحصاءات والمتابعات الميدانية لتقول بأن سبب «المد القناديلي» عائد إلى انخفاض عدد «السلاحف» البحرية في مياهنا!! ف»قنديل البحر» هو الغذاء الصحي المثالي للسلاحف! وبالتالي فإن وجودها بأعداد متوازنة طبيعياً وبيئياً، يمنع ويردع ويقضي على تفاقم ظاهرة انتشار الطفرة «القناديلية» على الشواطئ. وبنتيجة غزارة ما نرميه من نفايات وقمامة وقاذورات وزبالة وأوساخ في البحر. تبيّن أن مئات ملايين «أكياس» النايلون الرقيقة الشفافة، التي تُرمى سنوياً في البحر تنتفخ في الماء، وتطفو بشكل عمودي، لتأخذ بوضعيتها الغارقة هذه شكل «قنديل البحر»، فتهجم عليها السلاحف الجائعة معتقدة أنها الوجبة الهلامية المنشودة! فتقضم «الكيس» وتبتلعه بشهية وشراهة، ليتفاعل بعد ذلك «النايلون» في أمعائها بشكل يؤدي إلى نفوقها! وعندما شكا مزارعو الأرز في الصين من هجمات عصافير «الدوري» المتواصلة على مواسمهم، خصصت السلطات مبلغاً بالكاد يوازي الربع دولار أميركي لكل مواطن يقتل مئة عصفور «دوري». وبعد مرور ستة أشهر فقط، تمَّ القضاء على ذلك العصفور المسكين!! وكانت المفاجأة المذهلة عندما جاء موسم الأرز التالي بعد هذه «المقتلة الدامية» غزيراً كما لم يحدث من قبل، ولكنَّه... مملوء بالسوس!! فقد كان عصفور «الدوري» يأكل السوس ومعه بعضاً من حبوب الأرز! من هذين المثالين، لا أكثر، ندرك أهمية التوازن في الطبيعة، وخطورة إحداث الخلل البيئي فيها. وبما أن الحديث، هو عن التوازن، طبيعياً وبيئياً ومجتمعياً فإن قلة وندرة عدد «الحمير» في «المدن» قد أدّت إلى ازدياد، بل إلى تضاعف عدد «التيوس» فيها! وهذا برأينا خلل فادح فاضح، يجب على أولي الأمر أن يتفادوه حفاظاً على فعالية وأهمية وضرورة وجود «الحمير» في مجتمعنا الحاضر الناضر!