تنعقد القمة العربية غداً في بغداد في وقتٍ مازالت تُحكَم فيه العاصمة العراقية بعملية سياسية تنوء بأحمال الخلافات بين المكونات الاجتماعية وتباعدٍ واضح في الأجندات الحزبية خاصةً فيما يتعلق بالنفوذ الإقليمي لإيران. ووسط هذه الأجواء تأتي القمة العربية لتطرح التساؤل: هل سيحمل عقدها في بغداد اعترافا من جامعة الدول العربية بالنفوذ الإيراني في العراق؟ “الشرق” ترصد اليوم آراء عددٍ من الباحثين الأكاديميين المختصين في العلوم السياسية حول علاقة السياسة العراقية بطهران وموعد انعقاد القمة في بغداد. الفشل أمريكي يجد أستاذ النظم السياسية في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، الدكتور علي الجبوري، أن الولاياتالمتحدة لم تفشل في التعاطي مع الشأن العراقي الداخلي وما زال لها نفوذها في العراق متمثلا في تطبيق الاتفاقية الإطارية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين، ولكنها، حسب قوله، أخطأت في حل المؤسسة العسكرية مما أحدث خللا أمنيا كبيرا في البلاد استطاعت دول إقليمية ومنها إيران استغلاله عبر إقامة علاقة مع الأحزاب المعارضة للنظام السابق، والتي كانت قواعد وجودها في إيران، فضلا عن أشكال متعددة من النفوذ مما يجعل القول إن هناك أكثر من جهاز مخابرات أجنبي وإقليمي يعمل في عراق ما بعد 2003 صحيحاً. ويرى الأكاديمي العراقي المتخصص في الشؤون التركية والإيرانية أن الصراعات داخل المحاور العراقية كانت نتيجة واضحة للصراع الأمريكي – الإيراني حول ملف طهران النووي، لكن القول إن العملية السياسية في العراق ككل تخضع للنفوذ الإيراني فيه أكثر من خطأ، حسب قوله، مضيفاً “الواضح أن العملية الديموقراطية تحتاج إلى أعوام للرسوخ، وانتخابات 2005، كانت أكثر وضوحا في معايير النفوذ الخارجي على صناديق الاقتراع، لكن هذا التأثير كان أقل بنسبة معينة على صناديق الاقتراع لانتخابات عام 2010، وسيكون أقل في الانتخابات المقبلة وهذا تعبير عن الموقف الشعبي العراقي الرافض للنفوذ الخارجي سواءً كان إيرانيا أم أمريكيا أو تركياً”. وفي قياسه للنفوذ الإيراني في العراق، يرى أستاذ الاستراتيجية في مركز الدراسات الدولية في جامعة بغداد، الدكتور نبيل محمد سليم، أن أي طرف خارجي لا يستطيع فرض إرادته على دولة مستقلة إلا بالقدر الذي تكون فيه هذه الدولة مجبرة على الرضوخ لإرادته وأن تكون ضعيفة بما لا تستطيع معه رفض هذا النفوذ، وهكذا كان النفوذ الأجنبي في العراق ومنه النفوذ الإيراني. وما يشدد عليه “سليم”هو أن تصاعد قيمة قدرة الدولة على بناء نفسها يحتاج إلى معادلات استراتيجية جديدة تُوظَّف فيها المتغيرات الإقليمية والدولية لصالح إعادة بناء قدراتها، وهذا ما يتوجب على الدولة العراقية أن تقوم به لمعادلة أي نوع من النفوذ الضار بمعادلات إقليمية بديلة، لعل عقد القمة العربية في العراق أحدها. وفي تعليقه على سؤال “الشرق” يؤكد المحلل السياسي العراقي، الدكتور سعد الحديثي، أن الصراع الإقليمي يتخذ حدوده الفاصلة ما بين مشروع إيراني وجد في العراق منفذه لتصدير نموذجه، ليس بذات آليات تصدير الثورة التي عُرِفَت مطلع الثورة الإيرانية بل باعتماد نفوذه على الأحزاب العراقية التي كانت أحزاب معارضة تحتضنها إيران فتحولت الآن إلى أحزاب سلطة، مقابل مشروع خليجي – عربي يعمل على الحد من أضرار هذا المشروع الإيراني في منطقته الإقليمية، وأبرز مظاهر هذه الأضرار ما حصل في البحرين من تحريك للشيعة من قبل إيران. بدوره، يعتقد أستاذ ثقافة الشعوب في جامعة تكريت، الدكتور مشحن التميمي، أن رأب الصدع ما بين الثقافة العربية وما يحصل من متغيرات “جيو استراتيجية” في الإقليم يتطلب إعادة العراق إلى محيطه العربي، ويُرجَّح أن تنجح القمة العربية في ذلك من دون أي نوع من الاعتراف بالثقافة الإيرانية وما آلت إليه من أنماط نفوذ سياسي على الواقع العراقي الجديد. القمة اختبار لبغداد وفي تعليقهم على دور القمة العربية في رسم سياسات بغداد، يرى الباحثون العراقيون، أن عقد القمة يعد استحقاقا للعراق في منظومة عمل الجامعة العربية، ويقول الدكتور علي الجبوري، إن عودة القمة للعراق، تعني فرض محددات على الدولة التي ستقود هذه المنظومة بقيمها وليس واقع ما هي عليه الآن، وهذا يشكل نوعا من الاختبار الحقيقي لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، وأضاف “ليس في الموضوع أي اختراع جديد في العلوم السياسية، بل هي معطيات واقعية، ستجعل الحكومة العراقية على محك الأحداث ولعل أبرزها الملف السوري، عندها سيكون من متطلبات قيادة العمل العربي المشترك أن تكون واعية لمدركات المسؤولية الملقاة عليها”. ويذهب الدكتور نبيل محمد سليم إلى أكثر من ذلك بقوله “المصلحة الوطنية العراقية ستكون على محك القمة العربية وما يمكن طرحه على بساط مناقشاتها”. ويرجح الدكتور سعد الحديثي بأن الإجابة على السؤال عن علاقة النفوذ الإيراني بالقمة العربية في بغداد، ستظهر ما بعد أيام القمة وليس قبلها، لأن المدخلات الصحيحة للانسجام العربي مع العراق من خلال مظلة القمة، يتطلب الرد في مخرجات عراقية أكثر قبولا في معادلات المصالح المشتركة، كون الحالة السليمة، من وجهة نظره، أن يكون رد الفعل العراقي أكثر اندفاعا نحو المنظومة العربية من أية علاقات أخرى، وإن كان عليه عدم قطع علاقاته مع إيران أو تركيا أو سوريا، بالقدر الذي يجعله ماسكا بجميع الأوراق بيده، لكن الورقة المحورية التي يتوسع في طروحاته عنها لابد وأن تكون الورقة العربية، وهي من الأهمية بمكان لكي تكون القمة العربية رقما مضافا إلى المنجزات العراقية ومنجزات الجامعة العربية، أو تبقى هذه القمة مجرد رقم هامشي يضاف إلى القمم العربية السابقة من دون أية منجزات جوهرية تجبر الإقليم والمجتمع الدولي على إعادة حساباته في التعامل مع المنطقة. عبدالله الثاني لن يحضر وبوتفليقة غائب والبشير سيشارك عمان، الجزائر، الخرطوم – علاء الفزاع، مراد أحسن، فتحي العرضي قال الناطق الإعلامي في سفارة جمهورية العراق في عمّان رشيد زيباري في تصريح ل”الشرق” أن الحكومة العراقية لم تتلق بعد شيئاً رسمياً من الأردن حول مستوى التمثيل الأردني في قمة بغداد. وقال زيباري: لقد سمعنا في وسائل الإعلام أن جلالة الملك عبدالله الثاني لن يشارك في القمة، ولكننا لم نتلق شيئاً رسمياً بهذا الخصوص حتى الآن.إلى ذلك أكدت المزيد من المصادر المطلعة ل”الشرق” أن مشاركة الملك عبدالله الثاني في القمة أصبحت غير واردة تقريباً، فيما أصبح من المرجح أن يرأس الوفد الأردني رئيس الوزراء عون الخصاونة. من جهة أخرى رجحت تقارير جزائرية استنادا إلى مصادر في الخارجية الجزائرية أن يغيب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة عن القمة العربية المرتقب أن تحتضنها العاصمة العراقية بغداد غدا، وكان وزير التعليم العالي العراقي علي الأديب قد أعلن في وقت سابق لدى تسليمه دعوة الرئيس العراقي عن موافقة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الحضور إلى القمة العربية، ولكن تقارير صحفية جزائرية رجحت حضور السيد عبدالقادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، بدلا من الرئيس بوتفليقة، كما نفت المصادر أن تكون الجزائر قاطعت القمة لأسباب خاصة بمكان انعقاد القمة، وإنما بأمر يتعلق بالرئيس ولم تذكر هذه الأسباب أو الظروف. كما أكدت مصادر أخرى أن الجزائر ستشارك بوفد هام في القمة. وسيغادر الرئيس السوداني عمر البشير الخرطوم خلال اليومين القادمين متوجها إلى العاصمة العراقية بغداد على رأس وفد رفيع المستوى للمشاركة في أعمال القمة العربية غدا فيما قاد وزير الخارجية السوداني علي كرتي وفد السودان للمشاركة في أعمال القمة على مستوى وزراء الخارجية العرب في بغداد.