أظهر الحراك الجامعي الأخير ضرورة إنشاء اتحادات أو مجالس طلابية تكون صوتاً مسموعاً للطالب الجامعي لدى مسؤول الجامعة وأعضاء هيئة التدريس، فوجود ممثل رسمي للطالب بات ضرورة ملحة في ظل تعطل قنوات التواصل بين الطلاب ومسؤولي الجامعات، وصعوبة إيصال هموم الطلاب ومشاكلهم لصاحب القرار، حتى يتم النظر فيها وبالتالي وضع الحلول الكفيلة بمعالجتها، لكن الأهم من ذلك هو سن قوانين وأنظمة لا تكفل النزاهة والشفافية في عمليات التصويت والانتخاب فقط، وإنما تضمن للطالب العادي وجود ممثل حقيقي ومحايد لصوته أمام المسؤول، إضافة إلى ضمان تنفيذ قرارات المجالس الطلابية على أرض الواقع، كما أن مراعاة الجودة التعليمية وتقوية وسائل التواصل الاجتماعي بين طلاب الجامعة من المهام الرئيسية لممثلي المجالس الطلابية. تتألف المجالس الطلابية في أغلب جامعات العالم من هيئة إدارية مستقلة ومنتخبة تتكون من رئيس ونائب للرئيس وسكرتير ومسؤول مالي، إضافة إلى ممثل أو أكثر عن كل كلية أو قسم، وتضم الهيئة كذلك ممثلين تنفيذيين غالباً ما تسند إليهم مهام تنظيم وتنسيق الاجتماعات وإعلانات المجلس، إضافة إلى التواصل مع عموم الطلبة، وتتراوح مهام الهيئة الإدارية بين الاجتماع مع مجلس الجامعة الذي يمثل مديرها ووكلائه وعمداء الكليات، والتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة لإيصال مرئيات مجتمع الطلبة ونتائج الاجتماعات مع المسؤولين إلى المجتمع، كما أن الاجتماع بالطلاب المستجدين وتهيئتهم للجو الجامعي ومساعدتهم للتغلب على ما يصادفهم من مشكلات، هي مهام جوهرية لأعضاء الاتحادات أو المجالس الطلابية، ولأعضاء المجلس الصلاحية كذلك في تعديل الأنظمة والقوانين الخاصة بالمجلس بما يتوافق مع المصلحة العامة لطلاب الجامعة. أما فيما يتعلق بالجودة التعليمية، فلمجالس الطلاب دور فاعل في تقييم كل ما يمس حياة الطالب الجامعية بدءاً بطبيعة المناهج والمواد ومدى جدواها الأكاديمي والعملي، وحتى مراقبة أداء مرافق الجامعة المختلفة كالمكتبات والمطاعم والمنشآت الرياضية والترفيهية بما يحقق للطلاب بيئة أكاديمية مميزة، إلا أن المهم في عمل المجالس الطلابية هو التمهيد لإشراك الطالب في تقييم أداء أستاذه ومدى استفادته من المادة العلمية للمادة، وبهذه الطريقة يبذل الأستاذ الجامعي المزيد من الجهد في إعداد وتقديم المنهج بما يراعي ظروف الطالب الفردية وقدراته واحتياجاته الحقيقية من المادة العلمية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن تقييم الطالب لأداء أستاذه لا يقصد منه تهديد مستقبل الأستاذ الوظيفي، وإنما تحديد مواطن الخلل والضعف في أداء الأستاذ وفي المنهج ومناقشتها حتى تتم معالجتها، والأهم من عملية تقييم الطالب للأستاذ هو تضييق الفجوة الفكرية بين جيل الشباب وأساتذتهم الذين يكبرونهم سناً. أحسنت بعض الجامعات في الإعلان عن البدء في تشكيل مجالس طلابية منتخبة، تكون حلقة الوصل بين الطلاب وأساتذتهم ومسؤولي الجامعات، وكبداية لأي مشروع طموح، فلابد من ترجمة أداء هذه المجالس فعلياً على أرض الواقع، لا ننتظر من هذه المجالس أن تكون مجرد جرعة مسكنة لامتصاص غضب الطلاب، ولا ينتظر الطالب الجامعي أن تكون هذه المجالس هيئة صورية ليس لها دور ملموس كما هو الحال مع المجالس البلدية، ينبغي لعضو المجلس الطلابي أن يجعل همه خدمة عموم الطلبة وإيصال صوتهم لصاحب القرار ومتابعة تنفيذ القرارات بشفافية ومصداقية، كما ينبغي ألا تكون المجالس الطلابية فرصة لطالبي المكانة والوجاهة الاجتماعية وأصحاب المصالح الشخصية، عندها، فمن المؤكد ،لن يلجأ الطالب أو الطالبة إلى خيار التجمع والاحتجاج كدلالة على التذمر، إذا ما تحققت هذه الشروط في مجالس الطلاب.