يقدم مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الثانية، المقام حالياً بأرض الصياهد الجنوبية للدهناء، للزوار ومحبي الإبل معلومات وافرة ووافية عن الإبل وموروثها الشعبي، وما تمثله الإبل من قيمة اقتصادية كبرى لسكان الجزيرة العربية في القديم والحديث . ويُعد حليب الإبل من أهم المصادر الغذائية لأبناء وسكان الجزيرة العربية, حيث يمثل مصدراً غنيّاً لهم بالبروتينات, فهو غذاء كامل يحتوي على المغذيات الطبيعية الكافية لبناء الجسم, ويتكون من مستويات عالية من البوتاسيوم, والمغنيسيوم, والحديد, والمنغنيز, والنحاس, والصوديوم, والزنك, مقارنةً بحليب البقر, إضافة إلى احتوائه على كمية أقل من الكوليسترول, ويحتوي أيضا على فيتامين ج أكثر ب 3 مرات, والحديد أكثر ب 10 مرات من مستواها في حليب البقر وهو مغذي بشكل كبير, حيث يعطى في بعض الدول للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. ويمكن لحليب الإبل أن يقي الإنسان من الإصابة بالكثير من الأمراض بإذن الله ، مثل هشاشة العظام أو تآكل العظام عند المسنين أو الكساح عند الأطفال ألا أنه يحتوى على نسبة كبيرة من أملاح الكالسيوم والفوسفور . ويمثل حليب الإبل علاج لأمراض مثل الزكام والحمى والإنفلونزا والتهاب الكبد الوبائي وقد ذكر الرازي في الطب النبوي "لبن اللقاح يشفي الكبد وفساد المزاج « . ويساعد حليب الإبل على الشفاء من مرض فقر الدم والأمراض الصدرية كالسل والربو، والأمراض الباطنية كقرحة المعدة والقولون، ووصف ابن خلدون حليب الإبل بقوله « إن العرب تأثرت أجسادهم وعاداتهم من حيث الصبر وقوة الاحتمال نتيجة غذائهم المكون من لحوم وألبان الإبل». ويدخل سكر حليب الإبل في تركيب وبناء الخلايا العصبية وخلايا المخ، ويستخدم حليب الإبل لعلاج المصابين بالسكر، ويستخدم أيضاً كمليّن ومدر للبول . ولقد لاحظ الباحثون أن محتوى الحليب من سكر اللاكتوز والأملاح تتحكم بدرجة حلاوة الحليب، فعندما يكون سكر اللاكتوز 5.8% يكون الحليب حلواً، وعندما ينخفض إلى 4.2% يكون مائلاً للملوحة ، أما المحتوى الملحي لحليب الإبل فيعتمد في الحقيقة على كمية ماء الشرب الذي شربته الناقة ومرحلة إنتاج الحليب ويتراوح ما بين 0.6- 0.8% وقد ينخفض إلى 0.25% في النوق العطشى التي يكون حليبها مالحاً نتيجة زيادة تركيز كلوريد الصوديوم، وانخفاض فوسفات الكالسيوم والمغنسيوم . والتقت وكالة الأنباء السعودية «واس» برباح بن عبدالله الشمري أحد المشاركين في المهرجان , من مربي الإبل، الذي ذكر أن النوق تنتج الحليب بشكل متفاوت بحسب نوعها، إذ أن الإبل الساحلية تعد أكثر الإبل إدراراً للحليب ولها قدرات عالية على الإنتاج تتراوح ما بين 3 إلى 25 لتراً في اليوم في المراعي المروية، وما بين 3 إلى 15 لتراً في اليوم تحت ظروف الصحراء بمتوسط إنتاج 4.7 إلى 7.10 لتر في اليوم الواحد . وأضاف أنه يلي الإبل الساحلية في عملية انتاج وإدرار الحليب الإبل «المجاهيم» السود، ثم تأتي بقية أنواع الإبل الأخرى التي تشمل «المغاتير» وهي : (الشقح و الشعل و الصفر و الحمر و الوضح ) إضافة إلى الإبل ألأوارك» وجميعها معتدلة إدرار وإنتاج الحليب . وأستطرد الشمري قائلًا « إن حليب الإبل يمتاز ببياض لونه، ويتباين مذاقه من الحلو إلى الحاد والمالح، بحسب عمر الناقة ونوع العلف وطبيعة ماء الشرب، فإذا كان أكل الناقة «رمث « اتى طعم الحليب مراً، واذا كان أكلها مرعى وخزامى أتى طعم الحليب حلو «، مشيراً إلى أن حليب الإبل يشرب حاراً أو بارداً وليس له زبد كحليب البقر والغنم ولكن به دهن أخف من السمن» . وفي سياق متصل تعمل الهيئة العامة للغذاء والدواء من خلال مشاركتها في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الثانية إلى توعية الزوار ومللاك الإبل بضرورة تناول حليب الإبل بعد إجراء عملية البسترة عليه وهي عملية تسخين الحليب إلى درجة حرارة مرتفعة ثم إعادة تبريده وذلك لقتل البكتيريا المسببة لأي أمراض، إضافة إلى تثقيفهم بخطورة تناول الحليب الخام وهو الحليب الذي لم تجرَ عليه أي معالجة كالبستره أو غيرها من العمليات الحرارية . وكشفت الهيئة أن الحليب الخام قد يتلوث من عدة مصادر مثل : مخلفات الحيوانات أو إصابة الضرع بالالتهاب، أو بسبب البكتيريا الموجودة على جلد الحيوانات، أو بسبب البيئة التي يعيش فيها الحيوان أو الأواني المستخدمة، أو بسبب الحشرات والقوارض ، او البشر الذين لهم علاقة بالحيوان . ومن اكثر الأمراض التي قد يسببها تناول الحليب الخام : داء اليرسينيات ، والزحار البكتيري، والعدوى الليستيرية، وحمى التيفوئيد، والتسمم الغذائي بالسالمونيلا ، ومرض السل، والحمى المالطية. وتتسبب هذه الأمراض بعدد من الأعراض التي تظهر على المريض ومنها : تقلصات شديدة بالمعدة ، والإسهال ، والقيئ ، وارتفاع درجات الحرارة . وهناك فئات أقل مقاومة للإصابة بالأمراض التي قد يسببها تناول الحليب الخام وهم : الرضع ، وكبار السن، والحوامل ، والأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة . ويمكن الاستفادة من مكونات الحليب دون التسبب بأي من الأمراض عن طريق إجراء عملية البسترة عليه، ولا تؤثر «البسترة» على المحتويات والمغذيات الطبيعية الموجودة بالحليب . وعملية البسترة تعطل بعض الإنزيمات في الحليب ومع ذلك لا تعتبر الإنزيمات الحيوانية في الحليب الخام ذات أهمية لصحة الإنسان ، وقد تقلل عملية البسترة من مستوى فيتامين C في الحليب غير أن الحليب ليس مصدراً رئيساً لفيتامين C.