الأتباع هم فئة من المجتمع تفضّل إراحة عقولها من التفكير والبحث، وتلجأ في ظل هذا الكسل الفكري العلمي إلى تسليم العقول إلى من يفكّر ويقرّر بدلا عنها. في عالم سوق الأسهم ظهر مصطلح (القطيع) للتعبير عن هذه الفئة، وقد يكون المصطلح قاسياً نوعاً ما لكن مدلولاته تتقارب مع خصائص الأتباع في الطاعة العمياء للمتبوع، والاستسلام لآرائه وأوامره دون تفكير وتمحيص. في كتابه (القيادة السياسية الكاريزماتية) يذكر ويلنر أن من خصائص الأتباع السيكولوجية رؤيتهم للمتبوع على أنه شخص خارق (سوبرمان)، واقتناعهم الأعمى بكل ما يصدر منه، واتباعهم دون تحفظ لأوامره وإرشاداته، وتقديم الدعم العاطفي له بلا حدود وقيود. لذلك يجد المتابع ظاهرة انتشرت مؤخرا، وهي أن المتبوع عندما يخطئ لا يكلّف نفسه الاعتراف والاعتذار، بل يترك لأتباعه مهمة التبرير والدفاع عنه أو الهجوم على منتقديه بشدة وإفراط في الخصومة. ولأن هؤلاء الأتباع ذوي عقول معطّلة لا تساعدهم على إيجاد الحجج المنطقية للدفاع ولا في صياغتها بأسلوب منطقي مفهوم فإنهم يستعيضون عن ذلك بحشو ردودهم بالشتائم المقذعة والألفاظ البذيئة، حتى لو كان هذا الأسلوب لا يتفق مع أخلاقيات ما يدافعون عنه. العقل نعمة لا يحسن استخدامها الأتباع، وعندما يتكاثرون في مجتمع تظهر فيه رموز تقدَّم لها فروض الولاء والطاعة العمياء، وبإمكان الرموز -إذا كانت مصلحة المجتمع من أولوياتهم- تغيير طباع الأتباع ليصبحوا أفرادا مفكّرين قادرين على اتخاذ قراراتهم بعد بحث وتفكير، ولكن بعض الرموز لا يقوم بهذا الدور لأنه مستفيد من جهل الأتباع ماديا وجماهيريا واجتماعيا حينما يستخدمهم كعصيّ لتحقيق مآرب شتى.