نعم، من منا لا يريد الوصول إلى النجاح في أي عمل يكلف به، كلٌّ منا يريد أن يكون ناجحاً، وكلنا يهرب من الفشل. ولكن، هل نعرف الطريق الصحيح الذي يؤدي بنا إلى النجاح ويبعدنا عن الفشل؟ ولكوننا مجتمعاً لديه يقين بأن التوفيق كله بيد الله سبحانه وتعالى، قال تعالى في سورة هود (الآية 88): ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾. ندرك أيضاً، أننا نحن بشر، وأن لدينا قصوراً في التكليف والتفكير ولسنا بالمعصومين عن ارتكاب الأخطاء أو الهفوات، وأننا بحاجة ماسة إلى التعاون فيما بيننا لتجاوز مثل تلك الهفوات والزلات من أقوال أو أفعال، قال الله تعالى في سورة المائدة (الآية 2): ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. وكلنا نعلم أن هناك كثيراً من الأحاديث النبوية التي تبين لنا فضل العمل الجماعي وتدعونا إليه، ومنها: «عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ إلى النار». ومن الأقوال المأثورة والشائعة ما قاله الشاعر: «تأبى العصي إذا اجتمعن تكسُّراً». ولكن، كيف هو الحال مع مجموعة من العاملين في أي منشأة صحية صغيرة كانت أم كبيرة، ودعونا نتخيل هذه الصورة: لو أن كل فرد في هذه المجموعة العاملة تحت مظلة المنشأة الصحية يقوم بالعمل منفرداً عن الآخر، أو تكون هناك مجموعة تعمل باستقلالية عن المجموعات الأخرى، كيف تكون النتائج؟ كلنا ندرك الجواب لهذا الحال، حال البطولة المطلقة التي يريد كلٌّ منا «في مجموعة العمل» أن يكون هو ذلك البطل الخارق والمشهود له الذي يستطيع أن يقوم بجميع تلك الأعمال «قد يكون تأثير الأفلام الهندية والأمريكية حاضراً في نفوس البعض»! ومن هنا يكمن أمر مهم ألا وهو: القيادة الصحية وكيفية تعاملها مع منظومة العمل التي تجمع مجموعة من المعايير الصحية تحت مظلة واحدة ويقوم بعملها وتطبيقها مجموعة من العاملين في المنشأة الصحية. نعم، لا بد أن ندرك أن السبيل إلى المشاريع الصحية الناجحة هو انتشار ثقافة العمل الجماعي بين أي مجموعة عمل تعمل تحت مظلة المنشأة الصحية صغيرة كانت أم كبيرة، وللوصول إلى تلك الثقافة وانتشار مفهومها بين العاملين، لابد أن تكون هناك برامج تدريب وورش عمل مبنية على أسس علمية ويقوم بها متخصصون من أصحاب الشهادات والخبرات الكبيرة في مجال العمل الصحي، وتكون من نتائج ذلك العمل حاضراً أو مستقبلاً هو تقبل وتطبيق ذلك المفهوم الشامل للعمل الجماعي بين مختلف الأفراد والمجموعات. باختصار… إن من يأتي إلى منصب القيادة الصحية، لابد أن يكون ممن يعي ويستوعب مدى أهمية تكوين الفريق الجماعي الذي يعمل تحت مظلة مفهوم وثقافة العمل الجماعي، خاصة في تطبيق المعايير المختلفة لمنظومة الجودة الشاملة ومنظومة سلامة المرضى وغيرهما، لأنها هي -في الوقت الحاضر- المؤشر الحقيقي في التطبيق الأمثل لمختلف الخدمات الصحية المقدمة في جميع منشآتنا الصحية. نعم، إذا لم ندرك أهمية هذه الثقافة (العمل الجماعي) فستكون النتيجة الحتمية هي: الفشل الذريع في تطبيق معايير شهادة الاعتماد الصحي. والسؤال الذي أرغب في طرحه: هل يتم «اختيار» قائد صحي للمنشأة الصحية يحمل فكر أهمية ثقافة العمل الجماعي في المنشأة الصحية؟ أم يكون ممن يحمل فكر «عصاك اللي ما تعصاك» التي تلقنها من قائد صحي أعلى منه منصباً!