عندما تريد أن تكتب عن اليابان لا تعرف من أين تبدأ! من الدولة التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية وتعاني من مشكلات متعددة من حيث المناخ والجغرافيا، وبالرغم من ظروفها الطبيعية غير الملائمة أصبحت اليابان قوة تكنولوجية عالمية. أو من الإنسان الياباني الذي سخَّر كل قوته لأن تكون دولته من الدول الصناعية وتوفير اقتصادها عالمياً، وجعلت كل دول العالم تتسابق لربط العلاقات التجارية بها وابتعاث شبابها للدراسة في مجال التكنولوجيا فيها. فلابد لي أن أبدأ بالعنصر البشري لشعب اليابان، إذ يبلغ عدد سكان اليابان 127 مليون نسمة تشكل فيهم الفئة النشيطة 68 %، وتتجلى قوة العنصر البشري الياباني في مستواه التعليمي، حيث إن 99 % من اليابانيين متعلمون ومجهزون بمختلف وسائل الاتصال الحديثة (إنترنت، هواتف نقالة..) إضافة إلى اهتمام الدولة بالتكوين العلمي والبحث العلمي، إذ تنفق لهذا الغرض 3.1 % من ناتجها الداخلي الخام. كما يتميز اليابانيون بتقديسهم العمل، إذ يزيد متوسط ساعات العمل للفرد على 2000 ساعة. والتدخل القوي للدولة عن طريق تشجيع الادخار وتحويله لفائدة الصناعة والتربية، وشعب اليابان عامة شعب في كل تعاملاته يعتمد الصدق وحب إنجاز العمل. من يبحث في العلاقات السعودية – اليابانية سيجد أمامه ثمة حقائق تبرهن على عمق روابط البلدين وتجذرها منذ عقود طويلة، رغم بعد المسافة واختلاف الثقافة، وما زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إليها ضمن جولته الآسيوية الحالية إلا لتعزيز وتمتين العلاقات التي بدأت في عام 1955 بتبادل السفارات. وما زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى اليابان إلا لتوطيد العلاقات اليابانية السعودية، لافتاً إلى وجود اتفاقيات تبادل ثقافي ومعرفي بين البلدين تحقيقاً لرؤية 2030 في مجال المعرفة والتقنية والثقافة. وتنشيط التبادل والتعاون مع المملكة بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، والاستفادة من التجربة والمعرفة والتقنية اليابانية في مجالات الثقافة والترفيه والرياضة. وما نراه اليوم في مركز الملك فهد الثقافي من نشاطات يابانية وثقافات وعروض فنية من كتابة الخط الياباني وطريقة تقديم الشاي وتذوق الشاي الأخضر الياباني إلى جانب عرض الأفلام اليابانية وعرض الجودو، وعرض الفنون التشكيلية ومن ثم حفل (الأوركسترا) بقيادة المايسترو (هيروفومي يوشيدا) ضمن برنامج التبادل الثقافي للرؤية السعودية اليابانية المشتركة 2030.