إن تحول العادة إلى سلوك يخضع إلى مجموعة من المؤثرات المحفّزة، ومن جملة هذه العوامل المؤثرة يكون لتراكم الفعل نفسه في الوسط المحيط أوالبيئة الاجتماعية دور كبير في تأكيد هذه العادة أو تلك في داخل المنظومة السلوكية للإنسان. وحالة الارتباط الشّرِه بالمشروبات الغازية أو مشروبات الطاقة التي أعطت الحق للدراسات الإحصائية في وضعنا بين الدول التي يشكل فيها مرض السكّر، بكل درجاته وأنواعه، خطراً يجتاح أوردتنا، وينكّل بأجسامنا ويكلفنا مبالغ طائلة، مع أنّنا نرفع شعار الوقاية خير من العلاج، ونتغنّى بشعار: ،درهم وقاية خير من قنطار علاج، لكن شبح العادات التي تحولت إلى سلوك، صار هو صانع اللعب في حياتنا، ويظهر تأثير العادات وانتقالها لتكون سلوكاً اعتيادياً في هذه مشكلة هذا الارتباط المتنفّذ في توجيه عجلة القيادة السلوكية فينا. «السوفت- درنك» أو مشروبات الصودا ليست ناعمة أبدا، بل هي البطش والقسوة والموت الذي نشتريه، واستهلاكنا وصل إلى معدلات عالية، وأظهرت خارطة تبين أعلى 80 بلداً يستهلك المشروبات الغازية في العالم. إن الفرد منا يستهلك 66 لتراً من المشروبات الغازية، ونقع في المرتبه 29 بين أعلى 80 بلداً يستهلك المشروبات الغازية. ولعل ما قام به بعض المراكز التجارية من وضع ملصقات وبوسترات تحذيرية على رفوف مشروبات الطاقة، هو فعل ومبادرة تستحق الإشادة، لكن هذا لا يمكن أن يكتمل والمشروب موجود في المركز التجاري نفسه، فالمصداقية تتطلب موقفا أعلى من ذلك، وهذا ما يقنعنا بأنه هذا هو فعل منطلق من خطة تتكامل مع خطط مؤسساتنا الصحية. بالإضافة إلى أن خطوة كهذه يجب أن لا تغفل عن المشروبات الغازية التي يشربها الصغير والكبير في الأسرة والمجتمع، وإلا كانت تلك الخطوة لا تتجاوز حركات الاستغفال الموجّه. هذه كلها كفّة خاسرة، لكن الكفّة الأخسر تبدو حين تظهر أكواب المشروبات الغازية أمام محللي مباريات دوري كرة القدم المحلّي، وفي مباريات جماهيرية نجد الاستغلال الذي تقوم به شركات المشروبات الغازية بطرق يعدّها بعض أنها إعلانية وفنية. أما الصورة الأدهى، فيظهر فيها نجوم كرة القدم في سيناريو إعلان تجاري لمشروب غازي كذلك، وكأن حالة المفارقة هو ما يجب أن يكون، فمن جهة تتزايد معدلات الأمراض المزمنة نتيجة هذه الغازيّات الفاتكة، بينما تكرّس إعلاناتنا التجارية جهودها في زيادة المتناولين لهذه المشروبات القاتلة، وشرّ البليّة ما يضحك.