تسلّم وفدا المعارضة والنظام إلى المفاوضات السورية ورقة عملٍ أمس من الوساطة الأممية، بينما أسفر تفجيرٌ دامٍ قرب مدينة الباب، التابعة لحلب، عن 51 قتيلاً على الأقل. وأفاد رئيس وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف، نصر الحريري، بتسلم الوفد ورقة عمل من الأممالمتحدة «بشأن القضايا الإجرائية والأفكار المتعلقة بالانتقال السياسي». وصرّح الحريري بعد محادثاتٍ الجمعة مع المبعوث «الأممي»، ستافان دي ميستورا، استمرت نحو ساعتين «طبعاً توجد ورقة عن القضايا الإجرائية وبعض الأفكار للبدء في العملية السياسية». وكرّر الحريري، خلال مؤتمرٍ صحفي نقلته وكالة الأنباء «رويترز»، أن أولوية المعارضة هي «البدء في المفاوضات على انتقال سياسي تُشكَّل خلاله هيئة حكم انتقالية»، مشدداً «المعارضة لن تتراجع عن مطالبها بتنحي الأسد». ونقل الموقع الإلكتروني للوكالة عن الحريري قوله «سمعنا من دي ميستورا كلاماً إيجابياً ورأينا اقتراحات وأفكاراً متحمسة أكثر من السابق باتجاه الخوض بجدية في عملية الانتقال السياسي». في المقابل؛ ذكر وفد نظام بشار الأسد أنه سيدرس «الورقة»، بعدما تسلمها في مقابلةٍ بين رئيسه بشار الجعفري ودي ميستورا استمرت نحو ساعتين. وقال الجعفري، المعروف بمصادماته الكلامية مع الصحفيين، إن أول اجتماعٍ مع المبعوث لم يتطرق إلى شيء سوى شكل المحادثات. والخميس؛ أطلق دي ميستورا جولة جديدة من مفاوضات السلام السورية في المدينة السويسرية، مترئساً اجتماعاً افتتاحياً جلس ممثلو المعارضة والنظام خلاله وجهاً لوجه للمرة الأولى منذ 3 سنوات. وناشد دي ميستورا الجانبين «العمل معاً» لأن «لا حل عسكرياً» للنزاع. وبحسب «رويترز»؛ فإنه في ظل التوتر الواضح بين المشاركين في المراسم الافتتاحية وعدم توحد ممثلي المعارضة تحت مظلة واحدة؛ لم يبد أن هناك احتمالاً يُذكَر لاجتماعات تالية مباشِرة بين الجانبين. ولم يردّ الجعفري على أسئلةٍ صحفيةٍ الجمعة، ورفض وصف أحد الصحفيين ورقة العمل «الأممية» ب «وثيقة». وقد تمتد هذه الجولة من المفاوضات إلى أوائل مارس، حسبما توقعت «رويترز». وفي جولاتٍ ثلاثٍ سابقةٍ في فبراير ومارس وإبريل من العام الماضي، اضطر دي ميستورا إلى التنقل بين الوفود التي لم تجتمع قط في قاعة واحدة. وحققت الاجتماعات، آنذاك، تقدماً بطيئاً، لكن تم تعليقها مع تصاعد الحرب. وبحسب وكالة الأنباء «فرانس برس»؛ تناولت اللقاءات التي عقدتها الوساطة «الأممية» الجمعة تحديد شكل المفاوضات، وما إذا كانت ستُعقَد اجتماعات وجهاً لوجه. وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات، التي تشكِّل الجزء الأكبر من وفد المعارضة الأساسي، قبولها إجراء مفاوضات مباشرة، لكن وفد الأسد لم يبد أي رأي بعد. وتشارك في اجتماعات هذه الجولة شخصياتٌ «معارِضةٌ» خارج «الوفد الأساسي»، وذلك في إطار ما يُعرَف ب «منصة القاهرة» و»منصة موسكو». واعتبر العضو في «الوفد الأساسي»، أسعد حنا، أن «الكرة في ملعب النظام» بعدما «طالبنا بدخول مفاوضات مباشرة»، متسائلاً «هل يقبل (النظام) بالوقوف أمام وفد الثورة والقوى المعارضة .. لأن ذلك سيحرجه كثيراً». وشدد حنا في تصريحاتٍ نقلتها «فرانس برس» عبر موقعها الإلكتروني «نحن هنا لمناقشة الانتقال السياسي وفقاً لقرار الأممالمتحدة 2254». ومنذ بدء مسار التفاوض؛ يطالب المعارضون بهيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات كاملة تضم ممثلين عن المعارضة والحكومة، مع استبعاد أي دور للأسد، في حين يرى النظام أن مستقبل رأسه ليس موضع نقاش. وتأتي «جنيف 4» وسط متغيرات ميدانية ودبلوماسية، منها سيطرة قوات الأسد المدعومة بميليشيات إيرانية على مدينة حلب، والتقارب الجديد بين روسيا (الداعمة للنظام) وتركيا (أحد داعمي المعارضة)، فضلاً عن وصول الجمهوري، دونالد ترامب، إلى سدة الحكم في واشنطن. وبالتزامن مع استئناف المسار التفاوضي؛ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بمقتل 32 مدنياً على الأقل إثر غاراتٍ جوية للنظام على غرب مدينة حلب (شمال). وأشار المرصد، في بيانٍ له، إلى شن الطيران الحربي لقوات الأسد هذه الغارات الخميس على منطقتي الراشدين والضاحية الغربية. على صعيدٍ آخر؛ أسفر تفجير انتحاري قرب مدينة الباب أمس عن مقتل 51 قتيلاً من مقاتلي المعارضة ومدنيين، حسبما أوردت «فرانس برس». ووقع ذلك غداة إعلان فصائل من المعارضة السورية المقاتِلة، مدعومة من أنقرة، السيطرة على المدينة وطرد تنظيم «داعش» الإرهابي منها. وبحسب مواقع إخبارية؛ أعلن «داعش» مسؤوليته عن التفجير الذي نُفِّذَ الجمعة بسيارةٍ مفخخةٍ شمال الباب (الواقعة في الريف الشرقي لمحافظة حلب). وذكر مدير مرصد حقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أن «انتحارياً فجّر سيارة مفخخة استهدفت منطقة المجلس العسكري والمؤسسة الأمنية (للمعارضة المسلحة) في منطقة سوسيان شمال غرب الباب». ولاحظ مدير المرصد ارتفاع حصيلة القتلى إلى 51 بين مقاتلين معارضين ومدنيين، بعد حصيلة سابقة تحدثت عن 42 قتيلاً. وأفاد عبدالرحمن، في تصريحٍ ل «فرانس برس»، بأن بين القتلى 34 مدنياً، مرجحاً ارتفاع العدد «نظراً لوقوع عشرات الإصابات بعضها بالغة». وتابع عبدالرحمن بالقول «حسب معلوماتنا فإن مقاتلاً في تنظيم داعش كان يقود السيارة وقام بتفجير نفسه». وتقع سوسيان على بعد نحو 8 كيلومترات من الباب، حيث تواصل فصائل معارِضة، مدعومة تركياً، مطاردة من تبقى من عناصر «داعش». وفي إسطنبول؛ أعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلديريم، مقتل جنديَّين تركيَّين وإصابة آخرين بجروحٍ الجمعة في اعتداء انتحاري عند مدخل الباب. وتشارك قوات تركية في المعارك في هذه المدينة، في إطار عملية «درع الفرات» التي تضم فصائل من المعارضة السورية المقاتلة. وأطلقت أنقرة العملية في أواخر أغسطس الماضي في الشمال السوري ضد «داعش» ومقاتلين أكراد.