عرف أهل اللغة الحياء بأنه التوبة والحشمة، قال جرير: لولا الحياءُ لعادني استِعبارُ ولزرتُ قبرَك والحبيبُ يُزار. والحياء خلق كريم يمنع صاحبه من فعل القبيح والتقصير في حق الغير، والإسلام حثّ على الحياء وجعله شعبة من شعب الإيمان العليا، وفي الحديث الشريف» الحياء خير كله». فمن حباه الله نعمة الحياء فقد حُبيَ خيراً كثيراً، لأنه سيحول بينه وبين كل فعل ذميم، وسيكون الحياء ميزاناً له في كلّ فعل قبل أن يشرع فيه سواء كان ذلك الفعل سراً بينه وبين الله، أو كان ظاهراً أمام الناس، أمّا إذا انسلخ الحياء عن الشخص فإنّه بلا شك لن يقيم اعتباراً لا للنّاس، ولا لمراقبة الله عز وجل، فيذهب في أفعاله كل مذهب كما يشاء، يقول -عليه الصلاة والسلام-:» إنّ مما أدرك النّاس من كلام النّبوة إذا لم تستحِ فاصنعْ ما شئتْ». كما أنّهم عرفوا الخجل فقالوا: « إنه التحيّر والدّهشُ، وهو الاسترخاء من الحياء ويكون من الذل» وخَجِلَ الرجل خجَلاً فعل فعلاً فاستحى منه ودَهِشَ وتحيّر، وأخجله ذلك الأمر وخجّله. والخجل أن يفعل الإنسان فعلاً فيستحي منه، وأخجله غيره، وقد خجّلته وأخجلته، وخَجِلَ الرجل إذا التبس عليه أمره، والخَجَلُ أن يلتبس عليه الأمر فلا يدري كيف المخرج منه، يقال خَجِلَ فما يدري كيف يصنع. وخجل بأمره: عيَّ فهذه التعاريف وغيرها مما ورد في كتب اللغة التي شرحت معاني الخجل دلّت على أنّه خلق مذموم يحملَ صاحبه على الوقوع فيما لا ينبغي ويحرمه من فعل ما ينفعه في دينه ودنياه. وعندما أسقطت هذا المعاني على واقعنا خصوصاً بعد أن أشرعت أبواب السماء بالخير، وتابع المطر هطوله، ورأيت كيف تكونت بحيرات من سوء التصريف فراحت ضحيتها أرواح بريئة وممتلكات تأكدت أنّه لا حياء ولا خجل، بل ولا خوف من الله.