السؤال: أنا مقبل على الزواج، وأنا شديد الخجل، ولا أعرف كيف أتصرف، أريد منكم الإفادة.. أرشدوني مأجورين.. الجواب: بداية.. أود التفريق بين الحياء والخجل، حيث يلتبس على كثير من الناس، ويصفون الحياء بالخجل، وتعريفهما هو: أما الحياء: فإنه عُرف بمعنى (التوبة والحشمة). وروي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: (الحياء شعبة من الإيمان). وفسر ذلك بأن (المستحي ينقطع بالحياء عن المعاصي). كما ذكر في الحديث: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) ونقل ابن منظور في (اللسان) قول ابن الأثير في تأويل هذا الحديث بأن من معانيه: (إذا لم تستح من العيب، ولم تخش من العار بما تفعله فافعل ما تحدثك به نفسك من أغراضها حسناً كان أو قبيحا). وقول الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: "استحيوا من الله حق الحياء، قلنا: إنا نستحيي من الله يا رسول الله والحمد لله قال: ليس ذلك.. الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة، وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل استحيا من الله حق الحياء". والخجل: هو الخوف من الناس، والتصريح عن الانفعالات العادية وهو غير محمود؛ لما يترتب عليه من تفويت المصالح أو الرضا بالإذعان ونحو ذلك، كانكماش الولد أو البنت وانطوائه وتجافيه عن ملاقاة الآخرين. قد يتحول بعض الأحيان الخجل إلى رهبة وخوف، وقد يصل إلى رهاب من الناحية العلمية؛ لأن الخوف يولِّد انفعالات عصبية ينتج عنها هرمون يسبب حالة من اليقظة الكاذبة التي تؤدي إلى "ضغط الدم، والصداع، والنسيان المتكرر، والنوم غير المنتظم". إن الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي -الخوف غير المبرر من الناس- يجدون صعوبة في التكيف مع البيئة المحيطة بهم، ويواجهون مشكلات من أهمها تدني مستوى الثقة بالنفس الذي يؤدي في النهاية لحالة من السلبية. وأثر الخجل على النفس: تنزعج منه النفس، ولا تطمئن إليه من داخلها (وإن خدعت غيرها بأنها راضية به). ويترتب على عواقب الخجل فوات مصالح، أو ضياع حقوق، أو ذلة في غير موضعها.. عليك أخي أن تكتشف نفسك، وتعرف هل تقصد الحياء أم الخجل؟ فإن كان حياء فذلك أمر جميل، ولكن يجب ألا يزيد عن حده، أما إن كان خجلاً فعليك أن تبادر لفهم الأمور التي تحيط بك على حقيقتها، فليس هناك في هذه الحياة ما يدعونا للخجل إلا ما نهانا عنه ربنا سبحانه وتعالى. عليك أن تعلم نفسك وتدربها على المواجهة، وليس عيباً أن تخطئ فكل ابن آدم يقعون في الخطأ، والعاقل من يتعلم من أخطائه مهما حرص الإنسان بعدم الوقوع في الخطأ لا بد وأن يتذوقه، ولتعلم بأن خجلك خطأ وعليك التعلم منه وتجاوز هذا الخطأ بالمواجهة والقوة، وليكن ذكر الله -سبحانه وتعالى- هو ديدنك طيلة الوقت، وبالأخص في الأوقات التي تشعر فيها بالخجل، لأنه بذكر الله -عز وجل- تطمئن القلوب وترتاح، وستجد نفسك -بإذن الله- مطمئنًا وقويًا، ثم ليس هناك ما يستوجب الخجل في الزواج؛ فالزوجة هي مستودع أسرار زوجها، وهي ستره كما هو ستر لها، لذلك عليك أن تطمئن لها، وأن تثق بها، وأن توضح لها حقيقة الأمر بأنك تعاني من بعض الخجل، وأنها يجب أن تساعدك، وألا تمارس عليك ضغوطاً تؤدي بك إلى حالة نفسية قد تدمر زواجك، وعليك أن تكون منفتحاً معها قدر ما تستطيع لا أن تخجل منها، وتكتم عنها ما بداخلك، أو تخجل أن تمارس معها حقوقك أو تمنحها حقوقها. وعليك إن وجدت نفسك غير قادر على التغلب على هذا الأمر بمفردك أو بمساعدة زوجتك، فعليك أن تبادر لعرض نفسك على اختصاصي، يساعدك قبل أن يستفحل الأمر معك، ويصبح مرضاً ينهكك.