كنت أدرِّس في الجامعة قبل سنين، وكان عندي في الفصل ثلاثة طلاب سعوديين لم يكن سلوكهم منضبطاً، فاستدعيتهم لمكتبي لمناقشة حالهم الدراسي، فقالوا لي: إنهم متجهون للعسكرية، فضحكت وأنا أرى «ميوعتهم» وقلت لهم لا أظن العسكرية تناسبكم، بعد سنتين، دعاني صديق للعشاء، فعرفني على رجل لم أعرفه، وقال: لقد كان طالباً عندك، وبعد تمعن عرفته، لقد تغير كثيراً وصار رجلاً بكل معنى الكلمة، فتأكدت أن الحل لميوعة بعض الشباب وسوء سلوكهم هو عسكرتهم، أو تجنيدهم إجبارياً لاكتساب سلوك قويم وسلوك عمل. نعم لسنا في بلد يحتاج العسكر، فشبابنا الرائع يتسابقون لميدان الشرف، ويضحون؛ لكننا بحاجة لعسكرة الشباب من أجل تعديل السلوك فليس كالعسكرية في صنع الرجال، وتهيئتهم لتقبُّل العمل، وهذا يكون مهما إذا ما علمنا أن مشكلة شبابنا في العمل معظمها سلوكية، وتحتاج إلى برامج تعديل السلوك، والعسكرية تحقق هذا الغرض لأنها تدخل لباب السلوك المنضبط من أبواب عليا في الوطنية، والعزة، والكرامة، والبطولة، والرجولة، وهي أمور تغري صغار الشباب فتكون معادلاً للانضباط الأخلاقي الذي يكتسبونه باقي حياتهم. من هنا تأتي أهمية دعوة سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي المملكة للتجنيد الإجباري، ولو أن الإجباري غير واردة هنا، لأن كل الشباب سيتزاحمون متى فتحت فرص التجنيد، وكما نعرف جميعاً فليس كل عسكري مقاتلاً، فهناك من هم في الخدمات اللوجستية، وهذه الخدمات اللوجستية المساندة تحتاج الشباب رجالاً ونساء. التجنيد الإجباري للشباب سيدعم سلوك العمل، وسينشئ جيلاً قوياً يدرك مسؤوليته، وسلوك العمل المنتظم، فالعسكرية لا مجال فيها للمتسيب والمتخاذل، والكسل. هل نلتفت لهذا الجانب ونعسكر الشباب عسكرة مؤقتة بعد الثانوية العامة في الفترة التحضيرية للجامعة؟