في محيط التعليم يتحمل بعض المربين والوالدين مسؤولية قمع شخصية المراهق وإذلالها غير مبالين بالتغيرات الانفعالية والعقلية التي تجعله يحتاج القدرة على التكيف في محيطه الجديد بعد انسلاخه من مرحلة الطفولة. وبدلاً من أن يكونوا عوناً له للتعرف على شخصيته الجديدة، ومعرفة قدراته وصقل تفكيره يصبحون فرعوناً! بتجاهلهم الحاجات والمشكلات التي يمر بها فما أجهل المعلم الذي يُغفل إفهام طلابه الاضطرابات والتغيرات الجسمية والفسيولوجية التي يمرون بها ليتركهم في لجة جهلهم مما يؤدي بهم لتعاطي الأدوية الخطأ بل نجدهم يقعون فريسة سهلة للمنشطات والمكملات المنوعة. وما أضر المربي الذي يغفل عن القلق الشديد الذي يعانيه المراهق من عدم إشباع حاجاته لتدني المستوى الاقتصادي لأسرته أو عدم حصوله على الحرية والاستقلال المادي. ومن الموجع حقّاً شعور المراهق بأنه منبوذ لا تفهمه الأسرة ولا المدرسة فيلجأ للوحدة وأصدقاء السوء ليتفاجأ الجميع بعد زمن أنه طرف فاسد أو مريض نفسي. أما عن تكيفه المدرسي مع أقرانه ومعلميه فحدث ولا حرج؛ إذ لا يخفى على الجميع الحس العدائي والاستعداد للجريمة الذي تتضخم به شخصيات المراهقين نتيجة ارتطامهم بالسلطة التي تحاول أن تربيهم على النظام بصورة خاطئة. ومن أكثر المشكلات شيوعاً عدم توفير ما يملأ وقت فراغهم لأنهم منذ البداية لم يتلمسوا ميولهم وشغفهم، فبالتالي يتوهون عن هواياتهم وقدراتهم وينتج عن ذلك عدم إجادة إدارة الوقت وإبطاء نمو الشخصية، ناهيك عن ظلامية الثقافة الجنسية التي لا يتقن المعلم إيصالها فيصاحبها شعور المراهق المستمر بالذنب! فعلاقة المراهق بربه ليست إجباره على تأدية واجباته الدينية فحسب بل وإعمار ما بينه وبين الله عز وجل سرّاً قبل العلانية ليتخلص من الضيق والتوتر والانحراف العقدي. كما يجب تعزيز شعور المنافسة مع الذات لا الأقران لتخف العداوة والرغبة في التميز الخاطئ والأنانية المفرطة والجدل والكذب والمتاعب النفسية. إن المدرسة والمعلم وحدهما قادران على بناء الطالب من الداخل ليبني المجتمع من الخارج، وبهذا نكون خلقنا منه شخصية تكبح جماح شهواتها لا تتذلل، ولا تستدر عطف الآخرين، تحافظ على عقيدتها بل وتغسل كل ما يتعلق بذهنها من سلبيات الأسرة والشارع.