تأجّلت الجولة المقبلة لمحادثات السلام السورية في جنيف إلى ال 20 من فبراير الجاري، بحسب ما أبلغ دبلوماسيون شاركوا في اجتماعٍ مغلقٍ لمجلس الأمن الدولي أمس. ووفقاً للموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «فرانس برس»؛ أفاد دبلوماسيان بأن مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، اعتبر، خلال الاجتماع في مدينة نيويوركالأمريكية، أن تأجيل المحادثات سيمنح معارضي نظام بشار الأسد مزيداً من الوقت للاستعداد و»سيضمن أن تكون المحادثات شاملةً بأكبر قدر ممكن». وكان مفترضاً بدء الجولة المقبلة من المحادثات في المدينة السويسرية في ال 8 من فبراير، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أعلن الجمعة الماضية أنها ستؤجّل دون أن يقدّم تفسيراً. وقبل أكثر من أسبوع؛ رعت كل من روسيا وإيران (داعمتا نظام بشار الأسد) وتركيا (أحد داعمي المعارضة) محادثات سلام سورية في آستانا عاصمة كازاخستان؛ لتثبيت وقف إطلاق النار الساري منذ ال 30 من ديسمبر الفائت بموجب اتفاقٍ برعايةٍ روسية تركية يستثني التنظيمات الإرهابية خصوصاً «داعش». وبعيداً عن الاستهداف المتواصل لمواقع هذه التنظيمات؛ تتعرض الهدنة إلى خروقاتٍ تتهم المعارضة النظامَ بالمسؤولية عنها. واستمع مجلس الأمن، خلال اجتماعه المغلق أمس، إلى تقرير دي ميستورا حول التحضيرات للقاء جنيف وسط مخاوف من أن يؤدي لقاء آستانا، الذي حضره وفدٌ من نظام الأسد وآخر من المعارضة المقاتِلة، إلى فتح مسار جديد في المفاوضات. وصرّح السفير البريطاني لدى المجلس، ماثيو ريكروفت، قبل الاجتماع قائلاً: «نحن قلقون بشأن تأجيل محادثات جنيف، وسنقلق في حال تم إضعاف أسس هذه المحادثات». بدوره؛ رأى سفير السويد، أولوف سكوغ، الذي رأسَ المجلس خلال يناير أن «من المهم جداً الحصول على تأكيدٍ أن الأممالمتحدة ستقود الجولة التالية من المحادثات». وخلال لقاء آستانا؛ قدمت روسيا لوفد فصائل المعارِضة مسوّدة دستور رفضته تلك الفصائل. وأثارت الخطوة الروسية الأحادية مخاوف في العواصم الغربية. وشدد سفير فرنسا لدى مجلس الأمن، فرانسوا دولاتر: «يجب أن تكون الأممالمتحدة في صلب العملية السياسية». ولفت إلى «ضرورة احترام إعلان جنيف الذي وافقت عليه روسيا ويدعو إلى فترةٍ انتقالية في سوريا»، متابعاً بقوله: «نبدأ بالمرحلة الانتقالية، وبعد ذلك الدستور، وبعد ذلك الانتخابات». وانهارت محادثات سابقة قادتها الأممالمتحدة بسبب خلافات حول ضرورة أن تقود الفترة الانتقالية إلى خروج الأسد من السلطة. على صعيدٍ آخر؛ أعلن تحالف «قوات سوريا الديمقراطية»، المستند أساساً إلى وحدات «حماية الشعب» الكردية، أنه يرى مؤشرات على تزايد الدعم الأمريكي لحملته على «داعش» منذ تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وقد يزيد ذلك من القلق التركي بشأن نفوذ الأكراد في سوريا، بحسب ما كتب الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «رويترز» أمس. وذكر المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، طلال سلو، أن هذا التحالف تَزوَّد منذ 4 أو 5 أيام بمركبات مدرعة قدمها التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن. وبحسبه؛ فإن هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها التحالف الدولي هذا النوع من المركبات إلى تلك القوات. واعتبر سلو عدد المركبات قليلاً. لكنه وصف الخطوة ب «تحول كبير على صعيد الدعم»، رافضاً ذكر العدد. ونقلت عنه «رويترز» قوله: «سابقاً لم يكن يأتينا (الدعم) بهذا الشكل. كان يأتينا في شكل أسلحة خفيفة وذخائر» و»توجد بوادر دعم كامل من الأمريكان. دعم جديد وأكثر من السابق لقواتنا». والمركبات الواصلة في هذا الإطار ستُستخدَم، وفقاً لسلو، في الحملة على «داعش» التي ركزت منذ نوفمبر الماضي على مدينة الرقة، وهي مركز عمليات التنظيم في شمال وسط سوريا. ونقلت «رويترز» عن مصدر عسكري كردي آخر أن «المرحلة القادمة من الحملة تهدف إلى عزل الرقة نهائياً بما في ذلك قطع الطريق المؤدي إلى دير الزور». وتحالف «قوات سوريا الديمقراطية»، الذي يضم أيضاً مقاتلين سوريين عرباً، يَقصُر عملياته على محاربة «داعش»، وسبق له طرد مسلحين متطرفين من مناطق في الشمال السوري بدعم جوي من التحالف الدولي. ولوحدات «حماية الشعب» الكردية صلاتٌ بحزب العمال الكردستاني المتمرد ضد السلطات التركية منذ أكثر من 3 عقود، والذي تعدّه أنقرة جماعةً إرهابية. وأنشأت الجماعات الكردية وحلفاؤها «إدارة ذاتية» في مناطق في شمال سوريا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يزعج أنقرة التي تعيش أقلية كردية في مناطقها الحدودية. وتقول الجماعات الكردية السورية الرئيسة إن هدفها هو التمتع بحكم ذاتي وليس الاستقلال. وركزت المرحلتان الأولى والثانية من حملة الرقة على انتزاع المناطق في شمالها وغربها في إطار استراتيجية لتطويق المدينة. وأفاد المصدر العسكري الكردي بأن المرحلة الثالثة ستركز على الاستيلاء على المناطق المتبقية بما في ذلك الطريق بين محافظتي الرقة ودير الزور. ويحتل «داعش» كل مناطق محافظة دير الزور تقريباً، ويخوض قتالاً عنيفاً، بدأ خلال الأسابيع القليلة الماضية، لمحاولة الاستيلاء على الجيوب الأخيرة المتبقية للنظام في مركز المحافظة (مدينة تحمل الاسم نفسه). وسيمثل عزل الرقة عن مواقع «داعش» في دير الزور ضربةً كبيرةً للتنظيم. وبحسب المصدر العسكري الكردي الذي طلب عدم نشر اسمه؛ فإن «المرحلة القادمة من الحملة ضد داعش في سوريا تهدف إلى عزل الرقة نهائياً عن محيطها الجغرافي. ومن أجل تنفيذ ذلك يستوجب الوصول إلى طريق الرقة- دير الزور. لكن هذه المهمة ستكون قاسية». وأكد طلال سلو، في الوقت نفسه، أن التحضير يجري «لعمل جديد» ضد «داعش» سيبدأ «خلال أيام معدودة». لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى. إلى ذلك؛ أعلن برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، استئنافه إسقاط الغذاء جواً «لمساعدة 93 ألفاً و500 سوري في مدينة دير الزور التي يحاصرها داعش». وكانت عملية الإسقاط الجوي للمساعدات توقفت في ال 15 من يناير الفائت بعد أن قسم مسلحو التنظيم الإرهابي المدينة المحاصرة إلى قسمين واجتاحوا منطقة الإنزال التي استُخدِمَت لما يصل إلى 177 عملية إسقاط جوي للمساعدات منذ أبريل الماضي. وأفادت المتحدثة باسم برنامج الأغذية، بيتينا لوشر، بأن «منطقة إنزال جديدة تُستخَدم الآن». وذكرت أن «إسقاط الغذاء جواً استؤنف في 29 يناير بواقع عمليتي إسقاط حتى الآن. فيما جرى إسقاط ما وزنه 3340 طناً من الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى منذ أبريل».