الصورة غير المألوفة في الشارع الأمريكي مذهلة جدًا، ولأول مرة منذُ عقود تتبدل الموازين والأفكار داخل المجتمع الأمريكي. أحداث متسارعة وتحولات في الرؤى. الإسلام الذي ظل لعقود كالطير مقصوصًا جناحاه في الغرب عامة وأمريكا خاصة، يتحول لابنٍ وديع للشعب الأمريكي، وأكبر المحطات الإعلامية في الولاياتالمتحدة تنقل صوراً للشعب الذي أسلم للتو، وتبث صور التصفيق الحار لكل مسلم تطأ قدمه الأراضي الأمريكية، وتنشر الصفوف المتراصة لأداء الصلاة في معظم المطارات والمرافق العامة، وتظهر تلك العيون الزرقاء والخضراء التي تنظر لكل مسلم راكع وساجد بحنية وعطف ورحمة ورغبة في الانتصار له. هل نحن أمام مشهد جديد؟ أم أن هناك مؤامرة تحاك؟ ما الذي يحدث، صورة لا تصدقها العقول وإن كانت واقعة أمام العيون، هل تغير الأمريكان واكتشفوا فجأة أنهم مسلمون أو أنهم عرفوا أن المسلمين ظُلموا طوال تلك العقود؟ أسئلة لن تجد لها أجوبة إذا لم تعرف أن القوة الناعمة هي من تصنع الفرق وتقلب الموازين وتغير القوى أمام كبار عتاة الظلم والطغيان، هي تلك اللحظة التي فكرت فيها الجالية الإسلامية بالتحرك، فتحرك معها الناس والإعلام والمدن حتى اهتزت الأرض بكل جبّارٍ عنيد. لقد عوّل عليها كثير من أصحاب النظر الثاقب، وكنّا نقول لن تنجح؛ لأنها باختصار يتيمة ولن تفلح أمام الكُرْه الجارف لأبناء المسلمين في تلك البقاع، لكننا اليوم أُصبنا بالذهول مما حدث، كيف لقوة بسيطة تهز أركان أمريكا المرعبة؟ هذه أمريكا من الداخل كما عرفها اليهود جيدًا منذُ الأزل، فسادوا الأرض وأحكموا قبضتهم بالقوة الناعمة التي بسطت سيطرتها على الإعلام والصحافة والبرلمانات. لماذا نظل ننتظر الصدفة التي تغير واقعنا؟ كما هو حادث الآن بالصدفة الترامبية التي اكتشفنا أنها نجاتنا، وأننا من خلالها نستطيع أن نفعل ونفعل. هي لحظة بالفعل قلبت الموازين، وغيرت مجرى الأحداث، فلا تضيع الفرصة بعد أن سنحت لنا ورُميت الكرة بملعبنا فلنستغلها جيدًا جيدًا جيدًا.