أكد الدكتور نهاد عوض مدير مجلس العلاقات الاسلامية الامريكية "كير" ان احداث سبتمبر الماضي اعطت فرصة كبيرة لفئات معينة من المجتمع الامريكي لشن حرب شرسة ضد العرب والمسلمين مشيرا الى ان هذه الجماعات تعمل على وأد أي عمل منظم ينافسها في الساحة الامريكية. وقال الدكتور نهاد عوض خلال حواره مع "اليوم" خلال زيارته الاخيرة الى القاهرة ان العرب والمسلمين حتى الآن لم ينجحوا في تقديم وجهة نظر تعريفية عن ظاهرة الارهاب الى الرأي العام الامريكي معربا عن تفاؤله في قبول الشعب الامريكي للحقائق التي تعرض عليه باساليب مقنعة وهادئة وعلمية على خلاف ما تعود عليه في الماضي من غياب كامل للخطاب العربي والاسلامي وفيما يلي تفاصيل الحوار: * احداث سبتمبر الماضي كانت نقطة تحول وتغيير لكثير من مجريات الامور في العالم، ما تداعياتها على المسلمين في امريكا؟ * هذه الاحداث اتاحت الفرصة لفئة معينة من المجتمع الامريكي ان تشن حملة شرسة ضد المسلمين والعرب والتي تمثلت في قتل بعض المسلمين ومن يشبه المسلمين فقد قتل اثني عشر شخصا بينهم قبطي مصري وأحد افراد جالية الشيخ الذين يشبهون المسلمين في زيهم وملامحهم وتم الاعتداء على بعض المراكز الاسلامية وحرق واتلاف بعض المتاجر التي يمتلكها مسلمون أو عرب، وهناك تهديدات بالقتل لافراد الجالية الاسلامية وصل عددها 56 حالة وخطابات عدائية واهانات يواجهها بعض افراد الجالية الاسلامية في الشارع وتفرقة عنصرية ضد المسلمين مورست من قبل جماعات معينة في امريكا تحرض ضد المسلمين وهيئاتهم ومؤسساتهم العاملة في المجتمع الامريكي وعلى اثرها اتخذت الادارة الامريكية اجراءات باغلاق ثلاث مؤسسات اغاثة وقامت بتجميد حساباتها في البنوك الامريكية وكان لهذا اثر سيء على العمل الاغاثي في امريكا وكانت رسالة سيئة لحرية التبرعات التي يتمتع بها معظم الامريكيين فقد حرم على الاقل 6000 مسلم من اداء الزكاة ودفع التبرعات والصدقات بسبب اغلاق هذه المؤسسات التي كانت تتمتع بسمعة قوية في المجتمع الامريكي. @ رغم ان الدستور الامريكي تكفل للجميع بحق المساواة والاحترام، كيف استقبل المجتمع الامريكي الاعتداءات التي تعرض لها المسلمون في امريكا والتي اعلنتها المنظمات والمؤسسات الاسلامية مثل مؤسسة كير حول عمليات الاضطهاد والتمييز العنصري خاصة بعد احداث سبتمبر؟ * هناك تياران بأمريكا يؤرقهما أي عمل منظم يكشف حقيقتهما او ينافسهما وهما التيار الموالي لاسرائيل والتيار المسيحي المتطرف الذي ظهرت آثاره في سياسة الرئيس بوش وسياسة البيت الابيض الحالية وهؤلاء يرون ان أي نجاح للعرب والمسلمين في الولاياتالمتحدةالامريكية يعتبر تهديدا لهم وخطرا على مصالحهم. والتيار الموالي للوبي الاسرائيلي يرى ان أي خطاب سياسي للمسلمين سيفقد اسرائيل نوعا من التوازن بل ويقلص من المساحات التي استفردوا بها على مدى عقود ماضية. ونحن اكدنا باستمرار اننا لا ننافس احدا ولن نهدف الى تهميش تيار معين او تفضيل تيار معين على اخر ونحن كمسلمين امريكيين نحرص على مصلحة البلاد ومصلحة البلاد هناك تقتضي تغييرا وتحسينا في السياسة الخارجية تجاه العالم الاسلامي، وفي اعتقادي ان اغلبية الشعب الامريكي تتفق معنا على ذلك وتختلف معنا الفئة التي تعمل لصالح هدف معين لدولة معينة او تخدم سياسة معينة ونحن نجد انفسنا في معركة شبه يومية مع هذين التيارين لكننا في نفس الوقت نحاول الا نكون سلبيين في التعامل معهم ونتفهم ان غياب المسلمين والعرب في الماضي احدث فجوة كبيرة ولا يمكن ان نملأها بسهولة، وفي كل عمل نقوم به نجد مقاومة تعمل بشكل منظم ولديها موارد مالية وبشرية وكوادر مدربة وخبيرة بالشئون السياسية وفي نفس الوقت لا نريد ان نقلل من اداء المسلمين وتطلعاتهم. @ لماذا لا يكون هناك لوبي عربي اسلامي في الولاياتالمتحدةالامريكية على غرار اللوبي اليهودي؟ * يوجد هناك بالفعل لوبي اسلامي اسمه "كيرباك" او لجنة العمل السياسي ومرخص له بجمع التبرعات وتعطى تبرعات للمرشحين بالكونجرس فالنواة موجودة ولكنها في اول الطريق وبالتالي لن يكون تأثير اللوبي الاسلامي بنفس درجة التأثير التي يتمتع بها اللوبي الصهيوني في امريكا، فاليهود موجودون في امريكا منذ اكثر من مائتي عام على الاقل والمسلمون هناك جالية حديثة العهد واكثر من نصفها من المهاجرين وهذه الجالية تركز اهتمامها ببناء نفسها وبنيتها التحتية من خلال بناء المدارس والمساجد والمراكز الاسلامية وليس لديها القدرات المادية او الكوادر المدربة للشروع في القيام ببناء مؤسسات مدنية محترفة في العمل السياسي والاعلامي مثل ما تقوم به الجالية اليهودية التي انتهت منذ عشرات السنين من بناء بنيتها التحتية وانشغلت منذ اكثر من 80 عاما ببناء مؤسسات سياسية اعلامية انخرطت في الشارع الامريكي وساهمت في بناء ثقافة سياسية اعلامية تنظر الى العرب والمسلمين كأعداء، وفي الماضي كان الادراك بأن العامل السياسي لجالية مهاجرة ليس له اولوية والان بدأ المسلمون يدركون ان عليهم ان يسارعوا في الانتهاء من بنيتهم التحتية ليشيدوا مؤسساتهم الاخرى التي من خلالها يتوجهون للرأي العام الامريكي والسياسة الامريكية بفاعلية وقوة ويكون لهم وجود استراتيجي في لب السياسة الامريكية. @ عملت كمستشار بالبيت الابيض في الحكومة الامريكية السابقة، ماذا قدمت للمسلمين الامريكان من خلال عملك؟ * نعم عملت مستشارا في البيت الابيض بحكم مسئوليتي في مؤسسة كير او مجلس العلاقات الاسلامية الامريكية وكان عملي متعلقا بحقوق المسلمين المدنية والتعريف بها والدفاع عنها واعطاء المعلومات الصحيحة عن الاسلام والمسلمين. @ ما الدور الذي تقوم به مؤسسة كير للدفاع عن الوجود الاسلامي في امريكا؟ * مؤسسة كير انشأت للدفاع عن حقوق المسلمين في الولاياتالمتحدةالامريكية وتمثل كبرى المؤسسات السياسية في امريكا الشمالية والمقر الرئيس لها يقع في واشنطن ولديها 15 مكتبا اقليميا في امريكا وكندا وتقوم بالدراسات وترصد ظاهرة وجود المسلمين في امريكا وتتولى ترشيد وتفعيل دور المسلمين الامريكيين للمشاركة في صنع القرار السياسي الامريكي وتقوم كير بنشاطات كثيرة منها تنظيم حملات للتعريف بالاسلام والتواصل مع المجتمع الامريكي من خلال العمل مع الاعلام الامريكي أيضا تعمل مؤسسة كير كهمزة وصل بين مسلمي امريكا والعالم الاسلامي والمجتمع الامريكي. @ كيف تنظر المؤسسات الاسلامية الامريكية لانحياز امريكا الكامل في سياستها الى الجانب الاسرائيلي؟ * من يراقب نشاطات المؤسسات الاسلامية في امريكا يجد ان قضية فلسطين قفزت الى سلم الاولويات وقد نجحنا في كسب عدد من اعضاء الكونجرس الامريكي الذين يؤمنون بعدالة قضيتنا بالاضافة الى حدوث تحول نوعي في الرأي العام الامريكي ضد اسرائيل وهذا نتيجة لعدة اسباب أولا: المعاناة التي يمر بها الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه المشروعة ضد الظلم الاسرائيلي والعدوان الوحشي الذي تمارسه قوات اسرائيل ضد الفلسطينيين والذي لم يستطع احد اخفاءه عن الشعب الامريكي خصوصا مع وجود بدائل اعلامية للقنوات التليفزيونية والاذاعات التي يمتلكها اليهود في امريكا وتعمل على تحسين صورة اسرائيل في اعين المجتمع الامريكي فالانترنت مثلا قناة جيدة من خلالها يمكن نقل الصورة الحقيقية للعالم عن المذابح والمجازر الاسرائيلية التي تقوم بها حكومة شارون ضد العزل الفلسطينيين، ثانيا: ان المؤسسات العربية والاسلامية في امريكا بدأت الآن تتحرك لمواجهة الحملة الاعلامية التي تشنها اسرائيل في صحف وتليفزيونات واذاعات امريكا ضد العرب والمسلمين فاذا وجدت برنامجا يتحدث عن قضية فلسطين ويأتي بوجهة نظر اسرائيلية ترد عليه بوجهة النظر العربية او الفلسطينية، ثالثا: الخطاب السياسي الاسرائيلي بدأ ينهار امام الرأي العام الامريكي فمن خلال استطلاعات الرأي على شبكة السي ان ان فان اكثر من 60 بالمائة من الامريكيين يؤيدون قطع المساعدات الامريكية العسكرية عن اسرائيل ان لم تنسحب من الاراضي الفلسطينيةالمحتلة حديثاً و 72 بالمائة من الامريكيين يعتقدون الآن ان امريكا يجب ان تكون محايدة في صراع الشرق الاوسط وكل ذلك ليس سوى تحولات جذرية في الرأي العام الامريكي. @ هل ترى ان هناك تقصيرا من جانب الاعلام العربي في نقل الصورة الحقيقية لما يعانيه الفلسطينيون تحت ظروف الاحتلال الاسرائيلي الى المجتمع الامريكي والاوروبي؟ * لا يوجد اعلام عربي او اسلامي في الغرب او امريكا لان هذا الاعلام لم يتجاوز حدوده الجغرافية فالعرب والمسلمون لم ينجحوا في تقديم وجهة نظر تعريفية عن ظاهرة الارهاب الى الرأي العام الامريكي ومع خلو الساحة من الاعلام العربي او الاسلامي اتيحت الفرصة لوسائل الاعلام التي تسيطر عليها الصهيونية فساهمت الى حد كبير في تغييب القانون الدولي وقرارات الاممالمتحدة التي تؤكد ان مكافحة الاحتلال امر مشروع بل انها على العكس راحت تؤكد ان كل جهد يقوم به الفلسطينيون ضد اسرائيل هو عمل ارهابي وان ما تفعله اسرائيل هو دفاع عن النفس وتبعا لذلك تشكلت قناعات اعلامية وسياسية استطاع من خلالها مناصرو الرؤية الاسرائيلية التقليل من اهمية العرب والمسلمين وانهم لا يتساوون مع اليهود وبالتالي فان حق الفلسطينيين اقل من حق اليهود وبالتالي لابد من تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة والقضاء على الاختلاف حول تعريفاتها ولكن الامل ان شاء الله معقود على تقبل الشعب الامريكي للحقائق التي تعرض عليه باساليب مقنعة وهادئة ومنطقية على خلاف ما تعود عليه في الماضي من غياب كامل للخطاب العربي والاسلامي. ولابد ان نكشف في خطابنا للمجتمع الامريكي حقيقة اسرائيل انها هي المعتدية وانه بانحياز السياسة الامريكية لاسرائيل على حساب العرب سوف تخسر امريكا اصدقاءها في الوطن العربي.