تفاجأ مشرف اللجنة التنظيمية لمعرض الرياض الدولي للكتاب، عبدالله الكعيد، من بعض المثقفين المخضرمين في المجال الثقافي، الذين أعطوا كلمة بالموافقة على المشاركة في البرنامج قبل ثلاثة شهور، وحتى قبل أن يرفع البرنامج للمسؤولين، ثم اعتذروا قبل أسبوعين من بدء المعرض، بعدما طبعت أسماؤهم وسيرهم الذاتية في مطبوعات البرنامج. ويرى الكعيد أن الأمر يقتصر على المخضرمين في المجال، فهم الذين يعترضون في آخر لحظة، أما الشباب، وهم الفئة التي ركز عليها البرنامج هذا العام، فانبهروا في البداية، وشعروا بالمسؤولية، لكن بعضهم لم تسبق له التجربة، فاعتذر قبل يومين، خوفاً. وتقتصر المشكلة على المثقف السعودي، فغير السعودي يطرح شروط مشاركته المادية، ووقته، وما إلى ذلك، وكان من ضمنهم الروائية أحلام مستغانمي، وإن وافقوا على الشروط تتم مشاركتهم، وإذا لم تتم يعتذر عن المشاركة في المكالمة ذاتها. ويؤكد الكعيد «لم يعطنا أحد من الخارج كلمة موافقة واعتذر». وإجابة على سؤال «الشرق» حول عدم وضوح البرامج الثقافية في المملكة، ودور ذلك في تردد المثقفين السعوديين، يقول الكعيد «أجلس ساعات طويلة أشرح لهم عبر الهاتف. وجميع من هاتفتهم تربطني بهم علاقة، ولم أكلم شخصاً يسأل من أنا، وبالتالي أستغرب أن يعطي موافقة ويعتذر فجأة..». إضافة للبرنامج وأضاف: في برنامج هذا العام محاور عدة، لأول مرة، وهي «الإسلام السياسي، والمجتمع المدني، وحقوق الإنسان»، وركز في البرنامج على الاهتمام بفئة الشباب، ومعظمهم أسماء غير معروفة كمحاضرين. ويتساءل الكعيد «إلى متى سيتواجدون في العالم الافتراضي، ويغيبون عن الساحة بشكل حقيقي». قبول الوزارة حمود أبو طالب أما عن قبول الوزارة، فيؤكد مشرف اللجنة الثقافية حمود أبو طالب أنه كان مفاجأة، فإلى آخر لحظة بقي أبو طالب متوجساً من عدم موافقة الوزارة «قبل البرنامج بغير تحفظ، أو تردد، أو مساءلة، رغم توقعنا في أن يكون هناك رفض، أو تلميح لبعض المواضيع». ويقول الكعيد إنه كان هناك بعض الملاحظات، وعدلت بشكل معقول، ولم تؤثر على بنية البرنامج على الإطلاق. ملتقى المثقفين وأكد أيضاً أن الاستبانة التي وزعت على المثقفين في ملتقاهم لم تخدم اللجنة المنظمة بالشكل الكافي، وربما يكون المثقفون اعتادوا الأسلوب التقليدي في المهرجانات، وأرادوا لبرنامج المعرض أن يكون تقليدياً أيضاً. وحاولت اللجنة، بحسب الكعيد، وقدر الإمكان، أن تغطي الأسماء خريطة الوطن بالكامل، ولا تتركز على منطقة، أو فئة، أو تيار، أو مذهب معين. ويؤكد بأن اللجنة كرمت الآثاريين هذا العام، لأنهم دائماً منسيون، واسترشدوا بالفعاليات السابقة لكي يتجنبوها، ولكي لا تتكرر الأسماء، والموضوع وحده هو من فرض المتحدثين. ويعترف الكعيد أن بعض المضامين المطروحة قد لا تستهوي كثيراً من رواد المعرض، بل النخب، لأن المواضيع نخبوية. وأكد «لم نضع مواضيع شعبية ما عدا تلك المتعلقة بشرائح الأطفال، وحاولنا أن نرتقي بمضامين الفعاليات بحيث ترتقي بالجمهور، لا أن تنزل لهم». الربيع العربي وأكد أبو طالب أن أحداث الربيع العربي أثرت كثيراً في البرنامج، وأُخذت بعين الاعتبار. وأضاف «من الصعوبة بعد أحداث الوطن العربي طرح برنامج فكري ثقافي لا يتحدث عن اكتساح التيار الإسلامي السياسي، ومن الصعوبة ألا تتحدث عن ثقافة حقوق الإنسان، وهي موضوع الساعة، ومن الصعوبة أن نتجاهل مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها كانت المحرك». الحكم العام يرى أبو طالب أن الحضور مؤشر على اهتمام الناس، وإن لم يكن هناك رضا عن المحاور، فعلى الأقل لا يوجد عليها نقد شديد، وهي متوازنة، ونسبة كبيرة جداً تعتقد أنها مناسبة. أما الكعيد فيرى أن المقياس ضبابي، ولا يمكن إعطاء مؤشر حوله. ويضيف «لا نستطيع أن نتكهن هل سيستمر الوضع على ما هو عليه أم لا؟». وحول تساؤل بعض الناس حول موضوع التعليم العالي والابتعاث عما إذا كان له دخل بالثقافة، أكد أبو طالب أنه ليس موضوعاً تعليمياً، بل طُرح من منطلق فكري، وهو برنامج حضاري يهدف إلى تأسيس فكر جديد. ويرى أبو طالب وجود تشويه متعمد للبرنامج من شرائح وفئة معينة، لأنهم يخشون من العقول عندما تعود بعقل جديد وفكر جديد.