دائماً تطالعنا وسائل الإعلام بدراسات إما تعزيزاً لرأي أو دحضاً لاعتقاد أو تشجيعاً على سلوك وما إلى ذلك، وتكاد تكون مجمل الدراسات قادمة من بيئات أجنبية شرقية وغربية، وحين نشرها نتحفظ على ما ورد فيها بحجة أنه ينطبق على المجتمعات موضع الدراسة وليس على مجتمعاتنا إلا بحدود دنيا لا تتوازى مع حجم الدراسات ولا أهميتها، وكثيراً نذيِّل رفضنا لها بالمطالبة بمراكز بحث محلية يمكنها أن تستقرئ المجتمع المحلي وتنشر دراسات وبحوثاً مفصلة بمقاسه. وفي العشرين من يناير تم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ورحل المتحدث المفوه باراك أوباما، وبعد الدعاء بأن يعيننا الله على التعاطي مع الحقبة الترامبية، نتحدث عن الشبكات الاجتماعية التي كانت ولا تزال لاعباً مهمّاً ضمن فريق العمل الرئاسي لكلا الرئيسين الراحل والجديد، وفي الشبكات الاجتماعية بدأ أوباما منذ العام 2008 في قيادة الساحة الرقمية بتفاعله الدائم والمهم والمتوازي مع حجم الأحداث الأمريكية والعالمية، وحافظ على اتزان ما ينشر في الحسابات الرسمية التي تمثل البيت الأبيض وتمثله شخصيّاً، وهذا الأمر انطبق أيضاً على زوجته ميشيل وعلى نائبه بايدن، هذا النشاط على مجموعة من الشبكات الاجتماعية مثل تويتر، ويوتيوب، وأنستغرام، وفيمو، خلّف حصيلة كبيرة من المعلومات حول أمريكا بين العام 2008 2016م، هذه المعلومات يمكن تفكيكها لبيانات تكون لبنة أولى لدراسات متعددة في الشأن السياسي والقرار الأمريكي والداخل الاجتماعي والأحداث العالمية والقضايا المهمة وما إلى ذلك، لذلك تمت أرشفة كل ما نشر في تلك الفترة على الحسابات الرسمية كما هو ولا يمكن التعديل عليه لاحقاً في حسابات بديلة متاحة للجميع وتم إفراغ تلك الحسابات وسُلمت لفريق الرئيس الجديد ليبدأ بدوره في تدوين ونشر معالم حقبته الرئاسية تباعاً. ما حدث من أرشفة لمنشورات الفترة الأوبامية هو مفتاح من مفاتيح تسيُّد الدراسات الأجنبية على الدراسات المحلية، لأن المعلومات الغزيرة والمتاحة تشجع الباحثين على القيام بعملهم وتعطي لدراساتهم مصداقية أعلى، ونحن لدينا أي تحديث للمواقع الرسمية على الويب بقدرة قادر يَجُبُّ ما قبله، وقد تؤرشف تلك المواقع ما يُجَمِّل حالها دون اعتبار للمصداقية ولا لأهمية ما تم إزاحته، لاحظوا أني تحدثت عن الأرشيف الرقمي المتاح للعامة فقط، ولم أتطرق للأرشفة الخاصة أو الورقية التي لن تصلوا إليها إلا «بحب خشوم»! جمان: النموذج الأمريكي ليس قدوة ولكنه مقروء جدّاً للدرجة التي تجعلنا نضطر كثيراً لاتخاذه مثالاً للمقارنة، هذه الجملة يعرفها الباحثون في المحتوى الرقمي عن ظهر غيب.