الكتابة تبعث الحزن يا صديقي..! تلك الكلمات كتبتها على صورة وحملتها في برنامج التواصل الاجتماعي «انستغرام» وكانت التعليقات ما بين مؤيد ومعارض وعلى الأغلب كانت نقطة الاختلاف هي أن الكتابة تبعث الراحة وليس الحزن. الكاتب الذي ينغمس في الكتابة، الذي يكتب بأعصابه قبل عقله، بشريانه قبل قلبه، الكاتب الذي يكتب على «الكيبورد» كأنه يعزف على آلة البيانو بالشجن ذاته، يعرف ذلك الحزن، يتملكه ويمتلك حياته. كيف لا يشعر بالحزن وهو يكتب عن الضحايا في الحروب، عن قتل الإنسانية، عن أطفال ماتت أحلامهم قبل أن يكبروا، كيف لا يتألم وهو يكتب عن أموات أحياء، لا يعرفون عن هذه الحياة سوى الطعام، ماتت ضمائرهم، ماتت أحاسيسهم، كيف لا يشعر بالحزن وهو يكتب محاولا إصلاح شيء ولو كان بسيطا من هذا العالم، والبشر هنا لا يهتمون بشيء سوى علبة المكياج وسيارة فاخرة. والشاعر الذي يخلق من الكلمات قصيدة ساحرة، إنه يشعر بك وبحزنك، إنه يكتب بحزن يا صديقي، أو أنه يحاول أن ينتشلك من الحزن، أن يرسم في طريقك بيت شعر ممزوج بموسيقى شاعرية قبل أن تسقط أرضاً! الكاتب الحقيقي لا يكتب ليتنفس بالكتابة وحسب، إنها أنانية فاضحة، إنه يكتب لك أيضاً ولهذا العالم السيئ الممتلئ بالحزن، إنه يكتب بحزن من أجلك ومن أجل هذا العالم.