هوارد جاردنر عالم النفس الأمريكي وأستاذ الإدراك والتعليم في جامعة هارفارد العريقة، قسَّمَ الذكاءات في نظريته المشهورة «الذكاءات المتعددة» إلى سبعة أنواع ومنها الذكاء الاجتماعي، وفسره بأنه القدرة على إدراك الحالات المزاجية للآخرين والتمييز بينها وإدراك نياتهم ودوافعهم ومشاعرهم، ويتضمن كذلك الحساسية لتعبيرات الوجه والصوت والإيحاءات والمؤشرات المختلفة التي تؤثر إيجابًا في العلاقات الاجتماعية. الذكاء الاجتماعي هو «فن المواقف»، وهو سر من أسرار النجاح، ومرتبط بشكل وثيق بالشخصية الاجتماعية، والمفهوم منه هو حسن معاملة الآخرين في ناحية يستفيد منها الشخص ويثري بها المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، فَإنَّ الذكاء الاجتماعي يرتبط بشكل بارز بالتفوق الدراسي وفي سبل تحصيل العلم. الشخص الذي يحسن مخالطة الناس ويعيش في بيئة ملائمة فإنه غالبًا ما تتيسر عليه أبواب التفكير الذهني والإبداعي، بسبب إحاطته بمجموعة من الأصدقاء الذين بدورهم يشاركون بدور مهم في إثراء التجربة. ولهذا أن تكون اجتماعيًا يعني أن تكون منفتحًا على الآخرين، مهتمًا بهم، مقدرًا لأحوالهم، متعاطفًا معهم، متقبلًا لآرائهم، وفي نفس الوقت واعيًا بذاتك، متحكمًا بانفعالاتك، واثقًا من نفسك، مقتنعًا برأيك. إنَّ الشخصية الاجتماعية تُكَسِّر القيود وتُمَكِّن الفرص فهي جزء لا يتجزأ من الشخصية المتميزة والناجحة في مختلف المجالات. فإذا أردت أن تصبح متميزًا لا تقلل من تأثير علاقاتك الاجتماعية على حياتك، بل العكس تمامًا، العلاقات الناجحة تؤثر إيجابًا على المردود الفكري والنفسي والصحي للإنسان. الأشخاص يختلفون في شخصياتهم ومجالات تميزهم، فهم بطبيعة الحال مختلفون في طرق الإدراك وحدّة العقل، وفي بناء علاقاتهم مع الآخرين أيضًا التي قد تؤثر بطريقة أو بأخرى في إبراز الذكاء الاجتماعي لدى الفرد. نهايةً وبصرف النظر عن الفروقات في المستوى الدراسي بين الناس، فإنّ كل شخص يمتلك مجالًا خاصًا يتميز ويتفوق فيه، فلا يوجد شخص عالة على المجتمع إنْ كان مُلمًا بقدراته ومَواطِن قوّته ومهتمًا في إنماء ذاته وتطويرها، فهو في هذه الحالة قادر على أن يبدي ويبرز هذه القدرات الاستثنائية.