أعان الله المتحدثين الرسميين في بعض الوزارات، فهم يضطرون -أحياناً- لقول ما لا يقتنعون به، ويجدون أنفسهم مجبَرين على أن يدافعوا عمَّا صرَّحوا به!! في تغريدة للدكتور محمد الشويعر -الكاتب في صحيفة «الشرق»- في صباح العام الجديد 2017 قال: «لا ينقطع التعليم لأي ظرف من الظروف، وهذا مثال على أهميته»، وكان مثاله الذي أشار إليه صورة لمعلم مع طلابه في العراء، يوجد تعليق أسفل الصورة يشير إلى أنها تعود إلى عام 1945م -بعد شهر من قنبلة هيروشيما- في اليابان، وفيه خلاصة تقول «من أراد أن يعمل فبإمكانه ذلك مهما كانت الظروف.. ومن أراد التأفف فسيفعل ذلك مهما وفَّرت له من ظروف». تأملت الصورة والتغريدة فقلت: التعليم المتميز يحتاج إلى بيئة متميزة، وعلَّق عبدالرحمن سجيني قائلًا «ابنِ المعلمَ وسيبنى الباقي من ثمراته». ولأن الحديث ذو شجون -كما قالت العرب- فقد جاءت تغريدة الأستاذ مبارك العصيمي المتحدث الرسمي لوزارة التعليم، بخبر يقول «وزارة التعليم تقيم برنامجاً تدريبياً لمديري التعليم في جامعة هارفارد في شهر مارس القادم»، وقد أعاد تغريدها معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، عبر حسابه الشخصي. قلت معلقاً على الخبر «بعد ما شاب ودوه الكتَّاب.. فضلاً أجلوا برنامجهم إلى الصيف كي لا تختلُّ العملية التعليمية بسبب غيابهم أجمع». وقلت أيضاً «هل جامعاتنا -جميعها- عاجزة عن إعداد برنامج تدريبي لأصحاب السعادة مديري التعليم؟». وكما قال طرفة بن العبد: ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تَبعْ له بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ لقد جاءت الأخبار عن برنامج «بناء القدرات للقيادات التربوية» تترى عبر الصحافة، وأبرز الخبر في الموقع الرسمي لوزارة التعليم. سيقام البرنامج في كلية التربية بجامعة هارفارد بالتعاون مع البنك الدولي -ولا أدري ما علاقة البنك الدولي ببناء قدرات القيادات التربوية- ويمتد لثلاثة أسابيع، منها أسبوع تهيئة وتحضير في مدينة الرياض، وأسبوعان آخران في هارفارد، وتقول الوزارة إنه يأتي انطلاقاً من أهدافها في تحقيق رؤية المملكة 2030، وسيشارك فيه مديرو التعليم وعددهم خمسة وأربعون مديراً. تضيف الأخبار أنه يهدف إلى تعزيز قدرات مديري التعليم في الإشراف على العملية التعليمية وتطوير مهارات القيادة التربوية من خلال التعرف على النظريات العلمية وأفضل الممارسات على المستوى الدولي، وأن الخطة التفصيلية للبرنامج تشتمل على تطبيقات وزيارات ميدانية لبعض المدارس الأمريكية؛ للوقوف على بعض حالات الدراسة والتقييم للممارسات القيادية. ماذا لو كان عنوان البرنامج «تنمية القدرات للقيادات التربوية»؟ هل كلمة «بناء» التي جاءت في أول عنوان البرنامج لم يُحسن اختيارها، أم أنها كانت مقصودة بذاتها؟ وهل هي إقرار من الوزارة بأن قياداتها التربوية بحاجة إلى عملية بناء كاملة في الجوانب التي استهدفها البرنامج؟ وهل عملية تكليف مديري التعليم تتم دون معايير دقيقة للتعرف على تأهيلهم العلمي وامتلاكهم المهارات المطلوبة للقيام بمهامهم الوظيفية؟ لا يمكن لأحد التقليل من أهمية التدريب الحقيقي ودوره في تطوير الموارد البشرية وتنميتها، وأثره الكبير في الارتقاء بالمؤسسات المختلفة، ولكن المختصين يرون عدم الاهتمام بتدريب الموظفين في المستويات الأدنى من الهرم الوظيفي خللاً جوهرياً في عملية التخطيط للتدريب، ويقود إلى قيام المستويات الأعلى في الهرم الوظيفي بعمليات الإشراف الدقيق والدائم على الأعمال أو الاضطرار إلى النزول لأداء أدوار ومهام بعض الموظفين بسبب عدم قدرتهم على أدائها على الوجه الأكمل، وفي ذلك تأثير بالغ على اهتمام المستويات الأعلى بأعمالهم الأساسية التي يجب أن ينصرفوا إليها! في الدليل الإجرائي للميزانية التشغيلية للمدرسة الصادر عام 1432ه ووقَّعه سمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود، وزير التربية والتعليم (سابقاً)، ولا يزال العمل فيه جارياً، الذي يتكون من خمسة بنود رئيسة، هي: (مستلزمات تعليمية، نفقات النشاط الرياضي والثقافي، التدريب، النظافة، الصيانة الطارئة)، وخصص لبند التدريب مبلغ 4000 ريال للمدرسة التي فيها 25 معلماً، أما المدرسة التي فيها 50 معلماً فيخصص لها 6000 ريال. التعليم المتميز أساس نجاح التنمية، ولن يكون تعليمنا متميزاً ما لم يتم الاهتمام بالمعلم/ المعلمة وتحسين بيئة التعليم. وقفة: المبلغ المخصص ل (المعلم/ المعلمة) للتدريب في العام الدراسي يتراوح ما بين 120 و160 ريالاً، فكم ستكون تكلفة التدريب في هارفارد؟