أعلنت المملكة العربية السعودية عن رزنامة من أشكال الدعم الحكومي للمواطنين تحت مبادرة حساب المواطن، الذي ستتحكم من خلاله الحكومة السعودية في توحيد وسائل ومبالغ الدعم من خلال توحيد مصدر الدفع، والجهة التي يمكن أن تجمع المعلومات بشكل فوري وتكاملي، مع الجهات المعنية، عن المواطن ومستوى دخله وحالته المالية بشكل دقيق. ستكون البداية لهذا الحساب في الأول من فبراير من عام 2017، وستضخ الدولة مبالغ الدعم للمواطنين في شهر يوليو 2017، وبعدها سيتم تحرير أسعار الطاقة في المملكة من وقود وكهرباء، وكذلك أسعار الماء، وفق تسعيرة خالية من الدعم الحكومي. سيغطي هذا الحساب الأثر المترتب على المواطن من خلال الإجراءات الاقتصادية المتوالية حتى عام 2020، وهذا يعني أن معادلة حساب الأثر المترتب على المواطن ستكون متغيرة مع الوقت، وستتأثر هبوطاً وارتفاعاً من خلال الأثر المباشر وغير المباشر للإصلاحات الاقتصادية، وكذلك عدد أفراد الأسرة، ومعيار الاستهلاك الرشيد الذي يعطي الفرد والأسرة معدلاً معقولاً في استهلاك الطاقة بأنواعها، وسيصبح هذا الحساب الجهة الوحيدة للدعم الحكومي في برامج أخرى مثل الضمان الاجتماعي، والصحة، والسكن، والتعليم من خلال منصة واحدة، يتمكن من خلالها المسؤول، وصاحب القرار من التحكم بالمعلومات التي يتيحها الحساب مع الجهات المعنية لإقرار مبالغ الدعم، واستحقاق المواطن للخدمات المالية الأخرى من ضمان ورعاية. الطبيعة الجغرافية للمملكة العربية السعودية، والبنية التحتية لوسائل النقل العام تضعان بُعداً، وتحدياً كبيراً في مدى التحكم في تأثير تبعات هذه القرارات الاقتصادية. نعتمد في نقل البضائع والأفراد داخل وخارج المدن مترامية الأطراف على البترول في ظل عدم اكتمال منظومة وسائل النقل العام داخل المدن، وما بين المدن والقرى، ما يعني التأثير المباشر والقوي على أسعار المواد والبضائع بمختلف أنواعها وأشكالها، ما يستلزم إضافة عناصر هذا التأثير إلى معادلة البدل المتوقع. سيكون التأثير مركباً ومؤثراً مع عناصر تحرير أسعار الطاقة الأخرى مثل الكهرباء. سيكون لتغيير أسعار الكهرباء تأثير كبير على المصانع والشركات وقطاع الأعمال، وهذا يعني ارتفاع أسعار المنتجات من جهة، وتأثر القطاع الصناعي والاستثماري، وهوامش الأرباح، وعمليات التبادل، والقوة الشرائية للفرد كمحصلة نهائية بسبب ارتفاع سعر المنتجات، ما يستلزم إضافة هذا المتغير إلى معادلة حساب البدل في حساب المواطن. يعمل قطاع لا بأس فيه من مواطني هذا الوطن في قطاع المواشي في مناطق البادية المعروفة، وكثير منهم يعتمد على الزراعة كما في بعض قرانا وهجرنا التي ستتأثر بشكل مباشر وغير مباشر بتحرير أسعار الطاقة، وهنا سيكون التأثير على منتجات المواطنين، والكلفة التشغيلية لمنتجاتهم من المواشي والإنتاج الزراعي، وقد يؤدي ذلك إلى انكماش هذا القطاع لعدد كبير من المواطنين في حال لم يشملهم أي نوع من أنواع الدعم من خلال حساب المواطن، أو أي آلية أخرى تضمن عدم تأثرهم ومصادر رزقهم بتبعات هذه القرارات. تبعد مقرات العمل لعدد كبير من المواطنين عن مقر سكنهم، على سبيل المثال، توجد شريحة لا يستهان بها من المعلمات والمعلمين، وبعض جنودنا في القطاعات المسلحة والداخلية، وعدد كبيرمن العاملين في المدن الصناعية والمصافي والمصانع خارج المدن، ما يلزم ضرورة إدخال مثل هذه المتغيرات في معادلة حساب المواطن للحد من تأثيرها المتوقع. لدينا في المملكة العربية السعودية عديد من الجاليات التي قمنا باستضافتها، ورحبنا بها في بلدنا مثل الجالية البرماوية التي يزيد عدد أفرادها عن 250 ألفاً برماوي يحملون إقامات نظامية، وكذلك لدينا الجالية السورية، واليمنية بظروفهما الخاصة. أتمنى هنا أن يُنظر إلى هذه الشرائح نظرة حانية تخفف عليهم وعلى أسرهم ومعيشتهم نظير التأثير المتوقع للقرارات الإصلاحية والرسوم المالية. ستكون لهذه الإجراءات تأثيرات مباشرة على عقود الشركات القصيرة، والعقود الطويلة بعد الشهر السابع من هذا العام، الذي تبدأ فيه المملكة تحرير أسعار الطاقة، ما يستوجب أن نكون مستعدين لحجم ومدى تأثر الشركات، وتأثرنا بها من خلال عمليات إعادة العقود قصيرة وطويلة المدى، وتأثير ذلك على الخدمات العامة المتنوعة وفاعليتها، والسيطرة على التأثيرات والتداعيات المتوقعة على خدمة المواطن ورفاهيته. مازال لدى الجهات التنفيذية والمواطن «الوقت» للتفكر والتأمل والتخيل حول كيف سيكون الغد بعد الثلث الثاني من عام 2017. سيكون هناك دور كبير للمسؤولين عن حساب المواطن في معالجة التأثير المتوقع وفق معادلة شاملة لجميع المتغيرات المؤثرة، وسيكون هناك دور كبير للمواطن للتكيف مع طرائق الصرف والادخار والاقتصاد في الطاقة بمختلف أنواعها. كل الأمل أن يكون الدعم بمستوى التأثير المباشر وغير المباشرالمتوقع على المواطن، والأمل كذلك في السيطرة على مستوى التأثير المتوقع على المشاريع القائمة والمستقبلية، ومستوى وفاعلية الخدمات.