استحدثت الحكومة السعودية برنامجاً لدعم المواطنين يحمل اسم «برنامج حساب المواطن»، بهدف احتواء تداعيات الإصلاحات المالية التي اتخذتها المملكة والتي ستؤثر على تكاليف المعيشة، ما يؤكد الالتزام بحماية رفاهية الأسر السعودية ذات الدخل المنخفض. وأكدت الحكومة وفق وثيقة برنامج التوازن المالي، أنه سيتم الإنفاق بسخاء لضمان تغطية الأسر السعودية المؤهلة بشكل مناسب، متوقعة زيادة قيمة البدلات السنوية للأسر خلال الفترة 2017 - 2020 نتيجة زيادة الأعباء الناتجة من الإصلاحات الهيكلية، ورجحت أن يبلغ إجمالي البدلات للبرنامج بحلول العام 2020 ما بين 60 إلى 70 بليون ريال. و«حساب الموطن» أول خطوة ضمن برنامج إصلاحات واسع لتعزيز وتحديث الحماية الاجتماعية، وهو يوفر إعانات مخصصة للأسر السعودية، ومن المتوقع أن يكون الأثر التراكمي تدريجياً وبشكل محايد للأسر ذات الدخل المنخفض، ومرتفعاً للأسر ذات الاستهلاك العالي، دعماً لترشيد الإنفاق. وأشارت الوثيقة إلى تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه تسبب في المرحلة الأولى في 2016 في ارتفاع مبدئي في الأسعار في بداية العام، إلا أن الأسعار لم تواصل الارتفاع نتيجة لانخفاض أسعار بعض المنتجات الاستهلاكية الرئيسة. ومن المتوقع أن تؤثر الإصلاحات الهيكلية خلال الفترة 2017 – 2020 بشكل مباشر وغير مباشر على الأسر ذات الدخل المنخفض والمحدود، وإحدى هذه الإصلاحات هي التعديلات الجديدة في أسعار منتجات الطاقة والمياه، التي ستسبب تغيراً جذرياً في تكاليف منتجات الطاقة لدى الأسر وكلفة المعيشة عموماً، مقارنة بغيرها من السلع والخدمات الضرورية في سلة المنتجات الاستهلاكية. ويسعى برنامج حساب المواطن، إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة، هي تخفيف وطأة الآثار الاقتصادية الناتجة من المبادرات المختلفة على ذوي الدخل المنخفض والمحدود، إذ إن بعض الإصلاحات المقرة كتعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه للمراحل القادمة ستحدث أثراً مباشراً على كلفة المعيشة، مثل زيادة فواتير الكهرباء، وإضافة إلى ذلك، ستحدث هذه الإصلاحات أثراً غير مباشر، فعلى سبيل المثال ستتسبب الزيادة في أسعار الوقود في رفع تكاليف نقل المواد الغذائية كالخضراوات واللحوم وغيرها مما سيتسبب في زيادة أسعار بيع هذه المنتجات. كما يهدف البرنامج إلى تطوير نظام شامل يمكن من خلاله رفع كفاءة توجيه المنافع والدعم الحكومي المقدم للمواطنين، بدلاً من الدعم المباشر لمنتجات الطاقة، إذ سيتم إعادة توزيع الدعم لمستحقيه الفعليين من خلال صرف بدلات نقدية للأسر المؤهلة عبر حوالات مصرفية، إضافة إلى تشجيع وتحفيز المواطنين والأسر على الاستهلاك الرشيد لمنتجات الطاقة والمياه. وستغطي البدلات الاستهلاك الرشيد للأسر ذات الدخل المنخفض بالكامل، أما بالنسبة للأسر ذات الدخل المتوسط والمرتفع، والتي تستهلك معدلات تفوق مستويات الاستهلاك الرشيد، فسيتفاقم الأثر عليهم بسبب تعديل الأسعار ما لم يتم ترشيد استهلاكهم. وسيكون البدل نقداً ويصرف بشكل مباشر للأسر السعودية، وهذا أفضل أسلوب لصرف البدل وفقاً للتجارب الدولية الناجحة في هذا المجال، إذ تمكن البدلات النقدية من توجيه الدعم الحكومي للفئات المستحقة المستهدفة، كما أنها تمنح الأسر حرية التصرف في مبلغ البدل، سواءً بالإنفاق أو الادخار. وسيبدأ صرف البدل للأسر قبل تطبيق أي إصلاحات هيكلية تمس المواطن، وذلك لإتاحة الفرصة للأسر السعودية المستحقة للبدل للتخطيط والاستعداد للتغيير، وضمان راحتهم واستقرارهم. وأشارت وثيقة برنامج التوازن المالي إلى أن مبلغ التعويض سيكون عادلاً لكل فئة من فئات المجتمع، ومتغيراً حسب حجم الأسرة وتكوينها، وتم درس قواعد البيانات المحلية المختلفة للأسر السعودية، من أجل التعرف بشكل أعمق على صفات الأسر المختلفة وحالاتها، مثل حجم الأسرة، ومكوناتها، وحالتها الاجتماعية والمادية، وغيرها لضمان تغطية كافة الفئات المستحقة للبدل. وحول المستحقين للبدل، بينت الوثيقة أنه، تم اختيار الأسرة بدلاً من الفرد لتكون الوحدة الأساسية المستفيدة من البدل، نظرًا لكونها الوحدة الاقتصادية الرئيسة في المجتمع السعودي، وسيكون رب كل أسرة هو المستفيد الأساسي الذي يستلم مبلغ البدل، والأسرة هي مجموعة من الأفراد تربطهم صلة قرابة من الدرجة الأولى (زوج، زوجة، ابن، بنت) ويقطنون في مسكن واحد، كما يندرج تحتهم جميع الأبناء غير المتزوجين والبنات غير المتزوجات في حال كانوا يقطنون في نفس المسكن (يمكن أن يكون رب الأسرة ذكراً أو أنثى بناءً على حال الأسرة الاجتماعية). وتمثل الأسر السعودية الفئة الأساسية المستفيدة من البدل، إضافة إلى الأفراد السعوديين غير المتزوجين الذين يعيشون بشكل مستقل عن أسرهم، وأسرة الأم السعودية المتزوجة من غير سعودي، وحاملي بطاقات التنقل، وتؤهل تلقائياً للبدل كل الأسر المستفيدة من برنامج المعاشات الضمانية لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وذلك لكونهم أول المستحقين للدعم الحكومي وربما الأكثر حاجة. ويشترط في من يستحق البدل، أن يحمل الجنسية السعودية، وأن يكون مقيماً داخل المملكة، ووجود قرابة من الدرجة الأولى بين جميع أفراد الأسرة الواحدة. وحول تحديد قيمة البدل، فإنه يتم احتساب قيمة البدل بناءً على الأثر المباشر وغير المباشر لتعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه، وبناءً على الأثر المباشر وغير المباشر المتوقع من الإصلاحات الاقتصادية الأخرى. وسيتم تحديد قيمة البدل الأساسي حسب حجم الأسرة، وكلما زاد حجم الأسرة، زادت قيمة البدل، وستقوم الحكومة بتحديد زيادة تكاليف الاستهلاك الرشيد من منتجات الطاقة والسلع الضرورية للفرد الواحد من الأسر المستحقة، وستتناقص قيمة البدل كلما ارتقت وتحسنت حال الأسرة المادية، فأصحاب الدخل المرتفع لن يحصلوا على أي بدل. وتم درس الخصائص السكانية للمجتمع وتقسيمه إلى خمس شرائح متساوية من ناحية عدد السكان، وتم درس متوسط الدخل الشهري للأسر السعودية المكونة من ستة أفراد، وتقدير العبء الإضافي الشهري المتوقع عليهم جراء الإصلاحات المختلفة، وتطبيق معايير الاستحقاق. وأعلنت الحكومة أنه سيتم فتح بوابة التسجيل لجميع الأسر السعودية في الأول من شباط (فبراير) 2017، وسيتم إضافة جميع مستفيدي برنامج المعاشات الضمانية التابع لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية تلقائياً، وسيتم البدء بتحليل الأهلية والاستحقاق لكل المسجلين في منتصف فبراير، ثم سيتم الإعلان عن نتائج الأهلية والاستحقاق للمسجلين. وسيجرى صرف البدل لجميع المستفيدين المؤهلين من طريق حوالات مصرفية قبل تطبيق الأسعار الجديدة. وحول الرؤية المستقبلية لبرنامج حساب المواطن، أكدت الوثيقة أن بدل الإصلاحات للأسر السعودية يمثل الخطوة الأولى لبرنامج حساب المواطن ليكون برنامجاً شاملاً كل المساعدات والإعانات الحكومية من خلال بوابة واحدة، وستوفر البوابة نظاماً موحداً لتقويم الأهلية، الذي سيمكن من استهداف الفئات المستحقة بشفافية وفعالية أكبر، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن، وتوفير المصروفات الحكومية عبر توحيد الاستثمار في الأصول والأنظمة المتعددة.