قدَّم وزير المالية، محمد الجدعان، شروحاتٍ عن أهداف الميزانية العامة للدولة خلال 2017م (1438/ 1439ه)، ووصفها ب «غير الانكماشية»، فيما كشف عن صرف 100 مليار ريال خلال الشهرين الماضيين كمستحقات متأخرة للقطاع الخاص. في حين ستصرف الدولة باقي مستحقات القطاع خلال الشهرين المقبلين. وحدد الوزير السنة المالية 2020م موعداً للوصول إلى ميزانية متوازنة وتحقيق فائض. وصدرت تصريحاته خلال مؤتمرٍ صحفي عقده مساء أمس في مقر وكالة الأنباء السعودية «واس» بالرياض. وشاركه وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد الفالح، ووزير التجارة والاستثمار، الدكتور ماجد القصبي، ونائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، أحمد الحميدان، ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط، محمد التويجري. جاء ذلك بعد اعتماد مجلس الوزراء ميزانية 2017م بواقع 890 مليار ريال للمصروفات، و692 ملياراً للإيرادات و198 ملياراً للعجز. ووصف وزير المالية الميزانية العامة الجديدة بالأكثر شفافية في تاريخ البلاد. ولاحظ الإفصاح عن كافة مكوناتها. ورأى أنها ترسي معايير جديدة لمزيدٍ من الإفصاح مستقبلاً. وأوضح في كلمةٍ مطولة خلال المؤتمر: «تركِّز الميزانية بشكلٍ كبير على الإصلاح المالي والإدارة الاقتصادية المنضبطة»، مشيراً إلى كشف الأرقام المنشورة أمس عن «التقدم الملموس الذي حققناه في هذا السياق»، ومشدداً «سنواصل هذا الطريق». ومن ضمن أولويات الميزانية «تحسين مستوى الأداء للقطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز الشفافية، ورفع كفاءة الإنفاق من أجل رفع جودة الخدمات المقدّمة بما يحقق الرفاهية للمواطن». برامج اقتصادية واجتماعية وأعلن الوزير الجدعان «الميزانية .. شملت خططاً واسعة وبرامج اقتصادية واجتماعية تنموية تستهدف إعداد المملكة للمستقبل». وعدَّ هذه الميزانية خطوةً مهمةً نحو تطوير وتحديث اقتصاد البلاد ليحافظ على مكانته واستمرار نموه. ولفت إلى تأكيدها الالتزام بالإصلاحات الهيكلية «التي ستمكِّننا من تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030». واعتبر الجدعان أن ميزانية 2017 حققت إنجازاً جديداً. وأفاد بتحقيق عجزٍ أقلّ من المتوقع بنسبة تقلّ عن 10% (من الناتج المحلي الإجمالي)، وهو ما يفوق التقديرات الأولية. ولفت، في ذات الإطار، إلى سيطرة الحكومة على الإنفاق ليكون أقل من التقديرات السابقة، رغم انخفاض أسعار النفط والصعوبات التي تواجه الاقتصاد المحلي وكثيرٍ من التحديات الإقليمية والدولية. ووفقاً للوزير؛ تمكنت الحكومة من السيطرة على الإنفاق المالي «إذ أنها، ولأول مرة في السنوات العشر السابقة، تنفق في سنةٍ مالية أقل من ميزانيتها التي كانت 840 مليار ريال، إذ بلغ الإنفاق 825 ملياراً، وتحققت إيرادات نفطية أعلى من المتوقع». وأبلغ الوزير حضور المؤتمر الصحفي ب «أننا نحتفل اليوم بإطلاق 3 برامج هي: الميزانية العامة للدولة، وبرنامج التوازن المالي 2020، وبرنامج حساب المواطن». ولاحظ أن الميزانية العامة اتسمت بمعايير جديدة؛ لرفع الشفافية، والحرص على أن تكون (الميزانية) معقولة، وألا تتجاوز ما هو مخصص لها. وذكر الجدعان أن إعداد الميزانية جاء في وضع متقلب جداً مع انخفاض أسعار النفط. وشدد: «من المهم أن نركز على تحقيق مبادرات التحول الوطني التي أُعلِن عنها والمدروسة بعناية، حيث يتركز الإنفاق فيها على المجالات والقطاعات التي تحقق أكبر عائدٍ في الاقتصاد يعود بالنفع على المواطنين ويؤدي إلى نمو القطاع الخاص- الشريك الأساس للحكومة في تطوير اقتصاد البلاد- من خلال رفع مستوى التوظيف وخفض مستوى البطالة». وتحدث الجدعان عن أساسيات الميزانية الجديدة، قائلاً: «الأساسيات هي الاستمرار في تحقيق الانضباط المالي». وتوقَّع أن «ننهي السنة المالية (الجديدة) دون تجاوز لما هو مخصص لها»، فضلاً عن ارتفاع مستوى الشفافية. وأبان: «سنسعى إلى إصدار تقرير دوري من وزارة المالية حول أداء الحكومة فيما يخص الميزانية من خلال المصروفات والإيرادات، ونسعى إلى تحقيق ميزانية متوازنة بحلول 2020م، وبإذن الله سيتحقق خلالها فائض». والتحديات كبيرة جداً، بحسب تعبير الوزير، ومنها تقلبات أسعار النفط، والتزام الحكومة بدعم القطاع الخاص إضافةً إلى مبادرات التحول الوطني «كما نواجه تحدياً في النمو السكاني والتزامنا بتوفير وظائف لأبناء الوطن من خلال نمو القطاع الخاص». ووصف الجدعان الميزانية بأنها «نامية» وليست «انكماشية». وأكد أن الحكومة تسعى، من خلالها، إلى توفير الخدمات للمواطنين ودعم الاقتصاد والقطاع الخاص، والتأكد من توفُّر الدعم لمبادرات التحول الوطني، إذ خُصِّصَ لها 42 مليار ريال هذا العام. وتابع بقوله: «هناك 172 ملياراً لمبادرات التحول الوطني في السنوات ال 3 المقبلة»، كاشفاً أن العجز ل 2017، سيقدَّر ب 33% بالرغم من زيادة الإنفاق، وهي نسبة أقل من 2016، وذلك نتيجة زيادة الإيرادات غير النفطية، وبسبب توقعات جهاز إدارة الطاقة لأسعار النفط. ووفق توقُّع الوزير؛ ستصل الإيرادات غير النفطية إلى 212 مليار ريال «بنمو معقول عن العام الماضي». وتطرَّق الوزير إلى برنامج تحقيق التوازن المالي الذي ستُنشَر وثيقته على موقع «رؤية المملكة 2030» تحت اسم «التوزان المالي 2020». وتشرح الوثيقة بوضوح خطة الحكومة للوصول إلى توزانٍ مالي بنهاية العام المالي 2020 أو قبل ذلك، بحسب الجدعان الذي أبان: «تتكون الخطة من مجموعة عناصر توضِّح وتشرح كيفية حصول هذا الهدف وكيف سنرشِّد الانفاق الرأسمالي التشغيلي». ورأى الجدعان أن الدولة أوفت بكثير من وعود ميزانية 2016 وشدد: «سنستمر في الوفاء بباقيها في 2017». ووفقاً لتصريحاته؛ فإن من بين الوعود التي تحققت إنشاء مكتب ترشيد الإنفاق الذي «حقق وفراً للحكومة بما يعادل 100 مليار ريال حتى الآن، ونسعى إلى مزيدٍ من التوفير». وأوضح الوزير: «وعدنا كذلك بإنشاء مكتبٍ لإدارة الدين العام، وتم إنجاز الوعد واستطاع المكتب إصدار سندات دولية حكومية حازت على جوائز عالمية، وكذلك تحقيق إيرادات غير نفطية تسهم في تغطية المصروفات». وارتفعت الإيرادات غير النفطية، بحسب تأكيده، بنسبة 100% خلال السنوات الخمس الماضية، إذ وصلت إلى 199 مليار ريال مقارنةً ب 89 ملياراً في 2012. وذكر الجدعان أن ارتفاع هذه الإيرادات ينتِج بعض الأعباء على القطاع الخاص والمواطنين. وأبان: «الحكومة تعرف هذا ودرسته بعناية وأوجدت له برامج محددة ستًعلن، وهي برنامج حساب المواطن، فمن خلاله ستودَع مبالغ نقدية للمواطنين المستحقين، وكذلك مبادرة دعم القطاع الخاص». وعمَّا إذا كان هناك توجّه لفرض ضرائب كجزءٍ من الإصلاحات المالية؛ ردَّ الوزير على سؤالٍ صحفي قائلاً: «أحد وعود حكومة خادم الحرمين الشريفين أن تكون خططها واضحة جداً، وأستطيع القول إنه لن يكون هناك ضرائب على المواطن أو على الفرد المقيم، ولن يكون هناك ضرائب على الشركات السعودية». وفي شأن مستحقات القطاع الخاص؛ كشف الوزير عن صرف الدولة خلال الشهرين الماضيين ما يزيد عن 100 مليار ريال كمستحقاتٍ متأخرة للقطاع خصوصاً قطاع المقاولات. وذكَّر بوعد الحكومة، منذ عدة أشهر، بسداد مستحقات القطاع الخاص، مؤكداً: «أوفت بوعدها. سددنا جميع مستحقات القطاع الخاص والأفراد التي وصلت إلى وزارة المالية إلى ما قبل 3 أسابيع»، كاشفاً: «الوزارة الآن تدرس باقي الطلبات وستُصرَف خلال الشهرين المقبلين. القطاع الخاص شريكٌ أساسي في التنمية، والحكومة تلتزم بذلك». واعتبر الجدعان أن القطاع الخاص يستطيع، ودون مفاجآت، التخطيط للنمو والتوسع وإقامة مشاريع جديدة. وقال: «هناك وثيقة موجودة (منشورة) الآن في موقع رؤية المملكة 2030، وتوضح بشفافية ما سيتم من الآن إلى عام 2020»، مشدداً: «نقول للجميع إننا لن نفاجئ المواطنين والقطاع الخاص من الآن الى 2020 بأي شيء لم يُذكَر في هذه الوثيقة ولم يُعلَن عنه اليوم (أمس)». أما «المفاجآت السارة»؛ فقال الوزير عنها: «أتمنى أن نرى مزيداً منها، ولدينا جدول حافل بكثير منها في 2017».