يستحوذ المال في الحياة على جزء كبير من اهتمام النّاس؛ فهو وسيلة لشراء وتلبية الاحتياجات الضروريّة، ووسيلة لتوفير الأمان النّفسي، ووسيلة لتحقيق الرّفاهية والمتعة للفرد، وسبب لخدمة الناس ومساعدتهم، فهو عصب الحياة، وهو مؤشّر النّهوض والتّقدم في الدّولة والمجتمع ورافد أساسي للتنمية، في المقابل المال أيضاً هو سبب لكثيرٍ من الخلافات الاجتماعية والعائلية والنّزاعات الإقليميّة والحروب الدوليّة، والمال هو سبب في صون كرامة الإنسان وإعزاز النفس، يقول علي بن أبي طالب رضى الله عنه: ويزري بعقل المرء قلة ماله يحمقه الأقوام وهو لبيب. يشترك الناس في البحث عن أسباب الثراء المالي، وعندما يكون الحديث عن المال؛ فإن كل الناس على دين واحد – كما قال فولتير -، وفي السعودية نجد أنّ من أهل القصيم الكرام من تميّز بالوصول لهذه الأسباب، وهي أسرار قد لا يفصح بعض عنها، ومن تتبعي لقصص الناجحين ولمعرفتي ببعض الأصدقاء والتأمل في مسيرتهم التجارية؛ أزعم أنني استطعت اقتناص ثلاثة أسرار جوهرية كانت هي السبب في ثرائهم، ولعل السر الأول والمهم هو: الثراء النفسي والقناعة والرضى وحسن الظن بالله، فالمال لدى الفرد القصيمي ليس رقم واحد، بل تجده يمارس حياته بكل عفوية وسهولة وتواضع ورحابة صدر، ويغلب على كثير منهم البساطة في التعامل مع الناس، وجدت ذلك جليّاً في تعاملهم مع الضيوف وكرمهم وسمو أخلاقهم، فتجد الشخص منهم غنيا بما هو أعظم أموال الدنيا. السر الثاني من أسباب ثراء القصمان؛ هو الاجتهاد والتركيز في العمل، والرغبة العارمة في إنجاح المشروع الذي يتبناه، ففي مهرجان التمور مثلا وجدنا الشباب في السوق منذ إشراقة الصباح الباكر، وكانت المفاجأة أن منهم المعلم والموظف وطالب الدراسات العليا على غير كبار السن والشباب الصغار الذين يتشاركون ويتعاونون في مساندة بعضهم، واستطاعوا كسب ثقة تجار السوق بأمانتهم وجديّتهم وتفانيهم واستمتاعهم بالعمل. السر الثالث؛ هو حسن إدارتهم للمال، سواء من ناحية الاستثمار أو الادخار، فمن مبالغ بسيطة استطاع كثير منهم تكوين ثروات كبيرة. يقول أوسكار وايلد: عندما كنت صغيرا كنت أظن أن المال أهم ما في الوجود، واليوم بعد أن كبرت أعلم أنني كنت على حق. ويقول الرسام والنحات الإسباني بابلو بيكاسو: أحب أن أعيش كرجل فقير ومعي كثير من المال. حفظ الله القصيم وأهل القصيم، وبارك الله في أرزاقهم وأعمارهم.