نأخذ مكاننا الطبيعي بين دول العالم بمنجزنا الفعلي والواقعي الذي نستحقه وليس بالفرقعات الإعلامية أو المؤتمرات المكرورة التي نطلق عليها صفة الدولية وندعو لها أسماء أكل الدهر عليها ولم يشرب ونخرج ظمآنين، وننفق عليها بسخاء منقطع النظير في الداخل وبدرجات مضاعفة في الخارج، ثم ينفض السامر ونكتشف أنها كسراب بقيعة لو بحثنا عما وراءها لم نجد شيئاً، كما أننا لا نأخذ مكاننا الطبيعي الذي نستحقه كدولة بحجم دولتنا وبثقلها ومكانتها الدينية والاقتصادية والسياسية إذا لم نعمل على المشروعات الحقيقية التي أسست مؤسساتنا المختلفة من أجلها لتقوم بأدوارها وليس بأدوار الآخرين، فقط لأنها توفر لنا غطاءً دعائياً فننتشي بها وننشغل عن أدوارها الحقيقية المطلوبة منا. ليس المطلوب من جامعة الملك سعود أن تنتج سيارة غزال 2،1 ولا من جامعة الملك عبدالعزيز أن تنتج طائرة بدون طيار أنتجتها السودان عام 2008م ولا من جامعة الإمام محمد بن سعود أن تطلق قناة فضائية وإلا لأنتجت جامعة أم ألقرى مكوكاً للفضاء وجامعة الطائف حاملة طائرات وأغلقنا المؤسسة العامة للصناعات الحربية ووكالة الوزارة لشؤون التلفزيون ومركز تلفزيون الشرق الأوسط، أما موضوع التعليم والبحث العلمي وتطوير الجامعات فهي أمور هامشية أمام هذه المنجزات التاريخية التي توصلنا إلى المريخ. نحن بحاجة إلى أن تقوم مؤسساتنا بأدوارها الأساسية والحقيقية ولا نبحث عن الترف قبل سد الحاجة، والنموذج الصحيح والمشرف والواقعي هو ما قام به مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الذي وصل إلى سمعة علمية عالمية في أبحاث جينات السرطان ووفر الكوادر العلمية المؤهلة لهذا المشروع مما دفع المجمع العلمي الدولي لجينات السرطان إلى ضمه لعضوية المجمع للتعرف على الخريطة الجينية للسرطان حيث قام مركز أبحاث التخصصي بفك الشفرة الجينية لأكثر من 500 حالة لسرطان الغدة الدرقية، وهذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لو أن المستشفى انشغل عنه ببناء مسبار الفضاء أو تلسكوب هابل.