هيئة الترفيه أحدث الكيانات الحكومية، وإنشاؤها الذي جاء متأخراً هو اعتراف رسمي بأهمية صناعة الترفيه كمقوم مهم ورافد من روافد تنويع مصادر الدخل. وإنشاء الهيئة جاء بمعية الإعلان عن رؤية السعودية 2030، الرؤية التي لا أزال شخصياً أتلمس الطريق في فهم أساليب تحقيقها، ولم أكوِّن رأياً واضحاً حولها، وهذا الرأي يعنيني ولا أدعي أن كُثراً ينتظِرونه. نعود للهيئة التي في ضبابية خططها تضع علامات استفهام كثيرة، الاستفهامات المطروحة تغذيها عشوائية البرامج المطروحة حتى اليوم، فمثلاً استضافة كوميديان أمريكي مسيء للإسلام على مسرح جامعة الأميرة نورة يتضمن عدة رسائل، أنه لا بأس باستضافة المسيئين لهويتنا، ولا بأس في تفعيل مسرح الجامعة بهذا النوع من الأنشطة والتضييق على فعاليات أكثر ثراء وأهمية، ولا بأس في تفنيد كثير من المال لاستقطاب أحد المشاهير في مسرح ذي سعة استيعابية محدودة، مع العلم بأن الرياض تملك مسارح مغلقة ومفتوحة بسعة أكبر يمكن أن تحقق عائداً مادياً وترفيهياً يعوَّل عليه، قد يكون اختيار هذا المسرح بعينه يقصد التحكم في نوع الجمهور الوافد للفعالية، وقد أكون شخصياً أوليت هذه الفعالية أهمية كبيرة وحملت عليها ما لا تحتمل من الرسائل التي لم تكن في حسبان المنظمين، وهذه مصيبة أكبر ودلالة على أن المنظمين والقائمين على إعداد برامج الفعاليات لا يملكون قراءة واضحة وصحيحة للجمهور المستهدف! إنشاء الهيئة بحد ذاته إنجاز، ولكن وضع حجر الأساس لا يعني اكتمال المبنى، وغياب الوضوح والتعاونات المهمة مع الكيانات الحكومية الأخرى التي تتقاطع مع عمل الهيئة وتتشارك معها في بعض غايات الإنشاء مثل وزارة الثقافة وهيئة السياحة والتراث الوطني سيولد الازدواجية والثغرات البنائية في البرامج المطروحة، وهذه أسباب ستزيد من الهدر في الموارد البشرية والمادية التي نعاني الشح فيها أصلاً! جمان: الترفيه صناعة جبارة لا تقوم على ضخ المادة وانتظار العوائد، هي صناعة تتطلب ذكاء كبيراً في صياغة الاستراتيجيات والخطط لا محاكاة التجارب المحيطة، لأن الجمهور مختلف.