لست أبالغ إن قلت إن هناك أمهات وآباء لا يستحقون كلمة أمي أو أبي! فهم فقط يأتون بأطفالهم إلى الدنيا وهنا تنتهي مهمتهم وتبدأ مهمة التربية ولكن على أيدي الخدم والشارع والأجهزة والأصدقاء! فينتج جيل مريض فاشل وعدواني، وأحيانا يقوم الوالدان بمهمة التربية ولكن بشكل خاطئ وهنا نصل إلى نفس النهاية السابقة. فتربية طفل سويا نفسياً وجسديا ليست بالمهمة السهلة وليست مهمة قصيرة الأجل، إن التربية التي سيحصل عليها الطفل هي التي ستُكون شخصيته وسلوكه، لذا فدورها مهم جدا خصوصا في الفترة الأولى من عمر الطفل. إن أخطاء الآباء في التربية تؤثر على الطفل بشكل كبير وعلى أموره الشخصية والنفسية والمستوى التعليمي وعلى مستقبل الطفل بشكل عام، وأكثر هذه الأخطاء انتشارا «المقارنة». فالوالدان يعتقدان أن المقارنة ستحث الطفل وتشجعه على أن يسعى نحو الأفضل! ولكنهما لا يعلمان أن هذه المقارنة تشوه شخصية الطفل وتكسر ثقته بنفسه ثم تجعل منه شخصا ناقصا. فلماذا تقارن طفلك بإخوته أو بأصدقائه أو أبناء عمومته! لماذا تحثه دائما على أن يكون نسخة مكررة من الأشخاص الذين يعيشون حوله؟ إن كل طفل له مهارات معينة وقدرات مميزة تجعله مميزا ومختلفا عمن حوله، ولكن الآباء غالبا يخافون من الاختلاف! إن التربية السليمة هي أن تساعد طفلك وترشده على أن يكتشف نفسه وقدراته، لا أن تحصره وتجعله نسخة منك أو من غيرك. وليست المقارنة هي الخطأ الوحيد الذي يرتكبه الآباء في تربية أبنائهم، بل إن هناك أخطاء كثيرة منها التوبيخ والتهديد، وهذا الأسلوب من التربية فاعل في قمع الطفل عن التصرف الذي قام به ولكن له أثراً عظيماً، فالخوف الذي تزرعه في طفلك سيكبر معه وسيقضم من ثقته قضمة كل يوم، وفي النهاية سيكون لديك طفل ضعيف بلا شخصية، معدوم الثقة وحياته الاجتماعية محدودة وغالبا سيكون مريضا نفسيا. أما أسلوب العنف الجسدي والإهانات اللفظية التي يتخذها الآباء لتقويم سلوك الطفل، وهذا طبعا حسب اعتقادهم الباطل! ففي الحقيقة أن هذا الأسلوب لا يزرع أي قيمة تربوية ولا يساعد في التربية أبداً، لأن العنف لا يُولد إلا العنف. وليس العنف خطأ فقط بل إن الدلال والثناء الدائم خطأ فادح، فبعضهم يثني على أي تصرف يقوم به الطفل حتى ولو كان هذا التصرف واجبا عليه أو تصرفا بسيطا، وأحيانا يقوم الآباء بالثناء عليه بلعبة أو بقطعة شوكولاتة، فيعتاد الطفل على الأخذ دائما، وهذا يجعل منه شخصا محبا للثناء والشكر، ومن الممكن أن يُضرب الطفل عن القيام بأي تصرف أو أي عمل مالم يكن هناك مكافآت، وبالتالي فأنت أيها الوالد تكون قد صنعت من طفلك شخصا ماديا، وقد كان بإمكانك أن تكافئه على التصرفات الجيدة فقط وليس كل مرة بل مرات ومرات فلا إفراط ولا تفريط. وكما قلت سابقا إن التربية هي المهمة الأصعب والأطول ولكنها أيضا مهمة ممتعة، وإن أخلصت فيها وأمسكت زمام الأمور من الوسط فستنتج جيلا بارا ناجحاً.