شدَّد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، على أهمية إيجاد وعي عام مستنير يدرك خطر ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت ويعزز جهود مكافحتها. واعتبر ولي العهد أن قيام الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي تجرِّم أعمال المتاجرة بالأطفال واستغلال براءتهم لا يكفي وحده. وشدد في كلمةٍ لدى رعايته مساء أمس في الرياض افتتاح الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت «لابد أن يساند هذه المعاهدات وعيٌ عام مستنير يدرك خطر هذه الظاهرة ويعزز جهود مكافحتها لكي تتحقق حماية أجيال المستقبل وصنّاع حضارة الشعوب والأمم من مخاطر السلوكيات المنحرفة». وتطلَّع الأمير محمد بن نايف إلى إسهام الملتقى، الذي يختتم أعماله غداً الخميس، في تعزيز الجهود الدولية المعنيَّة بالموضوع. واعتبر استضافة المملكة هذا الحدث انعكاساً واضحاً لما توليه بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، من اهتمامٍ وعنايةٍ بحقوق الإنسان عموماً وحقوق الطفولة خصوصاً. وأوضح «هو اهتمام ينطلق من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يُحرم الاعتداء على النفس البشرية وسوء التعامل معها ويعطي اهتماماً للأسرة وللطفولة على وجه الخصوص باعتبارها أساس بناء المجتمع الإنساني الصالح»، متطلعاً إلى تحقيق الملتقى غايته في مواجهة ظاهرة استغلال براءة أهم فئة في المجتمع. وينظِّم الأمن العام الملتقى في فندق «الريتزكارلتون» في الرياض، بالتعاون مع عددٍ من الجهات في وزارة الداخلية ووزاراتٍ أخرى، بمشاركة دولية وإقليمية ومحلية. ووصل ولي العهد إلى مقر حفل الافتتاح يرافقه مستشار وزير الداخلية، الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وكان في استقباله مدير الأمن العام، الفريق عثمان المحرج. وبعد عزف السلام الملكي؛ صافح الأمير محمد بن نايف عدداً من الأطفال، وتجوَّل في المعرض المصاحب، ثم أخذ مكانه في المنصة الرئيسة للحفل الخطابي المعد لهذه المناسبة. وبعد تلاوة آياتٍ من القرآن الكريم؛ شاهد الأمير محمد بن نايف والحضور فيلماً وثائقياً عن جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال ودور المؤسسات الحكومية والأهلية في مكافحتها. وأفاد مدير الأمن العام، في كلمةٍ له، بأن نخبةً من الخبرات البحثية والأكاديمية والأمنية، فضلاً عن ممثلي الهيئات الدولية والجمعيات الوطنية، تشارك في الملتقى لوضع المشكلة تحت المجهر والوصول إلى رؤى واضحة المعالم لكيفية الوقاية منها. ونبَّه المحرج إلى أهمية تضافر الجهود الدولية والإقليمية لمواجهة مختلف أشكال استغلال الأطفال عبر شبكات الإنترنت. وقال «تقنية الإنترنت أصبحت واقعاً في حياة الناس لا يُستغنَى عنها، والجميع يعي أن هذه التقنية تصاحبها آثار عديدة أخطرها ما يتصل بالجانب الأمني نظراً لتهديدها المباشر للفرد والمجتمع». ومن بين الجهات المشاركة في الملتقى الشرطة الدولية «الإنتربول» ومكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة المعتمد لدى دول مجلس التعاون الخليجي. وأشار المحرج، في كلمته، إلى دور المملكة الريادي في حماية حقوق الإنسان والعناية بحماية الأطفال بصفة خاصة إدراكاً منها لخطورة استغلالهم والاتجار بهم بأي شكل من الأشكال. بدوره؛ أعرب سفير الأممالمتحدة ومدير مكتبها لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة المعتمد لدى دول الخليج العربي، الدكتور حاتم علي، عن تقدير المنظمة الدولية لجهود المملكة في مجال الأمن وحماية الإنسان. ولفت، في كلمةٍ له، إلى الشراكة الوثيقة بين منظمته والمملكة، عبر وزارة الداخلية وقطاعاتها المتخصصة المختلفة، في مكافحة الجريمة والمخدرات وتحفيز التعاون على المستويين الإقليمي والدولي، ناقلاً تحيات نائب الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمكتبها لمكافحة الجريمة والمخدرات إلى ولي العهد. في السياق ذاته؛ قدَّم علي الشكر، باسمه واسم الفريق الإقليمي الأممي لدى دول الخليج العربي، إلى وليَّ العهد على رعايته الدائمة لمثل هذه المبادرات التطويرية الرائدة في مجال استشراف التحديات الأمنية المعاصرة ودعم سبل مواجهتها وفقاً لمعايير الأممالمتحدة. وتابع السفير الأممي بقوله «لعلَّ خير مثال توجيه سموه قطاع الأمن العام في المملكة بتنظيم واستضافة هذا المحفل الدولي لتسليط الضوء على هذه الخطورة المتنامية على الأطفال، وهم عماد الأجيال القادمة». وشكر السفير أيضاً فريق العمل في وزارة الداخلية والفريق المحرج، وجدَّد تعهَّد الأممالمتحدة التام ب «تسخير كل ما لديها ولدى فريقها الإقليمي من معايير وخبرات دولية متطورة لخدمة مبادرات المملكة المستنيرة التي طالما أثرت الجهود الدولية والإقليمية لمنع ومكافحة الجريمة المنظمة والوقاية منها»، متطلعاً إلى وصول المشاركين في الملتقى إلى خارطة طريق وتوصيات ناجعة تدعمها منظمته في مواجهة الاستخدام الآثم للإنترنت في استغلال الأطفال جنسياً. وخلال الحفل؛ تسلَّم ولي العهد هدية تذكارية بهذه المناسبة قدمها الفريق المحرج. بعد ذلك؛ عُزِف السلام الملكي، وغادر الأمير محمد بن نايف مقر الحفل بالحفاوة والتكريم. وحضر الحفل رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان، ومساعد وزير الداخلية لشؤون التقنية، الأمير الدكتور بندر بن عبدالله بن مشاري، وعددٌ من الوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين وقادة القطاعات الأمنية والعسكرية.