لا تزال حالة القلق والترقب، والريبة والتوجس، تسيطر على كافة المعلمين والمعلمات، منذ صدور القرارات الأخيرة، التي أُوقفت على إثرها بعض بدلات وعلاوات الموظفين، وشُكّلت بموجبها لجنة (ثلاثية)، لدراسة ومراجعة لائحة الوظائف التعليمية، تحت شعار رفع كفاءة الأداء والإنفاق، ومبرر تلك الحالة ما يخشاه العاملون في قطاع التعليم، من استمرار قرارات (التنكيد والتنغيص)، التي اعتادوا عليها مؤخراً، من وزارتهم، التي إن لم تضرهم لم تنفعهم، فكيف لا تتجرأ عليهم بقية الجهات والوزارات..؟! ومن المؤسف حقًا؛ أن معظم الشواهد والمؤشرات، من الميدان التعليمي والتربوي، تكشف عن تدني مستوى «الرضا الوظيفي» للعاملين والعاملات في قطاع التعليم، بل وقد يكون الأمر أسوأ من ذلك، حيث وصل إلى حد الإحباط والشعور بالظلم، وربما لو أجريت دراساتٍ محايدة في هذا المجال، لخرجت بنتائج صادمة ومؤلمة، ولا أدل على سوء الحال الذي وصل إليه المعلمون والمعلمات، من تغير نظرة المجتمع وتقديره لمهنة التعليم، ورسالة المعلم، حينما سلبت هيبته، وهضمت حقوقه، وبلغ التردي إلى تزايد حالات الاعتداء عليه، ليصبح قطاع التعليم طارداً للكفاءات، في ظل انعدام التقدير المعنوي والمادي، حتى أصبح حلم كثير من المعلمين، إكمال المدة النظامية، للحصول على التقاعد المبكر، والخروج بأقل الخسائر والأضرار..! واستنادًا إلى أهداف تشكيل «اللجنة الثلاثية» المنوط بها مراجعة كادر التعليم؛ ومن أهمها «رفع كفاءة الأداء»، وانطلاقًا من مسلمة «ألا تغيير إلا بالتربية والتعليم، ولا تربية ولا تعليم، إلا بمعلمٍ جيد ومبدع؛ يمتلك قدرًا عاليًا من التأهيل النوعي، والمهنية العالية، ويحظى بالاحترام والتقدير والتكريم»؛ فإنّ المأمول أن يُنظر للمعلمين والمعلمات، «كشركاء» و«مستشارين» لا غنى عنهم في تحقيق أي رؤية للنهضة والتنمية والتطوير، وليسوا مجرد «أُجراء» تُستهدف مستحقاتهم بغرض الترشيد والتوفير..! ولذلك كله؛ فإنّ «رعاة العقول»، و«مناجم الثروة البشرية»، و«صُنّاع المستقبل»، بحاجة ماسة لتطبيق مبادئ التحفيز والتشجيع، بالإضافة إلى النظر إلى التعليم «كمنظومة» مترابطة العناصر والأركان، يجب التعامل معها بمبدأ الشمول لا الفصل، وأن تستند كل القرارات والإجراءات، إلى الدراسات العلمية، والمعايير العالمية، التي تؤكد على أن الأمم الرائدة حضاريًا، نهضت بالتعليم، على أيدي معلمين مبدعين..!