«استثارة العاطفة بدل الفكر»إحدى الإستراتيجيات الإعلامية الكلاسيكية للتحكم بالحشود، وهي تعمد إلى تعطيل التحليل المنطقي للمتلقي وبالتالي تسمح للرسائل الموجهة أن تنفذ إلى اللاوعي وتسكن فيه ومن ثم تكون ردات الفعل أو القرارات اللاحقة متأثرة بالتوجهات الفكرية الجديدة المزروعة حديثاً، مما قد يحدث تغيرا مفاجئا في نتائج الدراسات المستقبلية لذات المجتمعات أو الشعوب. هذه الإستراتيجية قد تفسر الفوز التاريخي لترامب الذي اعتمد الأسلوب المسرحي في أي ظهور إعلامي وكسر قاعدة الاتزان التي كانت هي السمة الأهم والأبرز للسياسيين، وهذا الأسلوب استقطب وسائل الإعلام لأنه يحقق مشاهدات عالية وهذا يعني مداخيل إضافية للقنوات، وبالتالي هذه القنوات الإعلامية (المرئي، المسموع، المقروء) قدمت بوعي أو من دون وعي منها دعاية مجانية لترامب ويسرت وصول رسائله للناخبين. شخصياً كنت أتوقع فوز ترامب لكن مع فاصل ضئيل في الأصوات، لأن الناخب الأمريكي يعرف السجل الملوث لهيلاري ولا يريد تكرار كونه سلعة تبيعها لأكبر مموليها، في المقابل ترامب الغني بذاته الذي صنف في العام 2015ضمن أكثر400 شخصية غنية في أمريكا وبالتالي هو ليس مدينا لا للوبيات ولا الشركات، هو فقط يقع تحت رحمة قناعاته التي وإن بدا ظاهرها هستيريا إلا أنها خليط فريد مكن ترامب الذي أفلس أربع مرات من الوقوف على قدميه مرة أخرى، وهذا بالضبط ما يأمل الناخب الأمريكي لبلاده «أن تبقى واقفة على قدميها كقوة عظمى». جمان: الطريف في الأمر أننا كسعوديين تابعنا الانتخابات وحللناها بالتفصيل الممل الذي كشف الحس السياسي الشعبي الذي يميل للمألوف الآمن على حساب اللايقين.