العبارة الأكثر انتشارا هذه الأيام بعد اكتساح وسائل التواصل الاجتماعي للمجتمعات، وغربلته لمياهها الراكدة، هي «لا تجعلوا من الحمقى مشاهير»، وهي تعبير عن السخط من إبراز هذه الوسائل للتفاهة على حساب الوعي، لكن هذه العبارة وهذه الظاهرة أخف وطأة من ظاهرة معاكسة لها، بدايتها كانت قبل ظهور وسائل التواصل، وازدادت حدة معها، وهي جعل المشاهير حمقى. تحوِّل الجماهير المشهور إلى أحمق، عندما تفرط في الإعجاب به إلى درجة تجعلها تؤمن بكل رأي له، وإن كان خارج مجاله، فمثلا ينساق المشجع المتعصب إلى كل كلمة يقولها لاعبه المفضل عن الدين أو الفن أو السياسة أو الفلسفة دون تفكير وتمحيص، ويهاجم ويشتم المخالفين. ثم ينجرف اللاعب بفضل «تطبيل» الجمهور وتصديقهم الأعمى إلى التوسع والهرطقة حتى يتحول إلى أحمق يهرف بما لا يعرف، وما ينطبق على اللاعب ينطبق على الفنان والداعية وأي نجم إعلامي. وليس في ذلك دعوة لكبت الآراء، بل لعدم تقديسها، فمن حق أي إنسان إبداء رأيه مشهورا كان أم مغمورا، لكن من الخطأ اعتبار الرأي نصا مقدسا لشهرة صاحبه في مجال ما. وربما نشأت ظاهرة تقديس آراء المشهور من ما يسمى «متلازمة عبادة المشاهير»، التي تجعل المصاب بها يتبع خطوات نجمه المحبوب، ويصدّق كل ما يطرحه، هذه المتلازمة استغلتها الشركات بترويج منتجاتها عن طريق المشهور، واستغلها المشهور بتمرير أفكاره الساذجة.