لا نحب الصراحة، والحقيقة تضايقنا، نكذب، لكننا لا نجيد حتى مثل هذا العمل، الدراما العربية، التي تتناول موضوع الجاسوسية، والعداء مع الصهاينة، تقدم مثالها صارخاً، حتى بالكذب، تعجز عن تقديمنا أذكياء، تنصرنا وتناصرنا، بتقديمها العدو: غبيّا، أحمق، شديد الطمع، وفي أفلام الأبيض والأسود، كانت لكفار قريش موائد لحم كبيرة، وثياب مزركشة ليس من ضمنها الأبيض، ولليهودي قرون! والتحليل الكروي، يقدم مثاله أيضاً، حفظت حتى جدران الأستديوهات، مقولة أن اليابان، وكوريا الجنوبية، يلعبان كرة سريعة، والحقيقة أن كرتنا هي البطيئة، لا أظن أن أستديو تحليل إيطالي، أو هولندي، أو إنجليزي، يمكنه أن يقول الكلام ذاته، فيما لو كانوا يواجهون اليابان، أو كوريا، ما لم يكن القائل مخبولاً طبعاً! في برامجنا الحوارية عموماً، لا يكاد يمرّ ربع ساعة على الحوار، إلا ويقول الضيف للمضيف: أكون صريحاً معك! وكأنه قرر فجأة أن يكرمنا بصراحته، وفي هذا السؤال بالذات، وفقط! وفي أحاديثنا الرجالية الخاصة، الخاصة جداً، تظهر فحولتنا الذكورية، أكبر بكثير مما هي عليه في الحقيقة، كل واحد منا يعرف أن صاحبه يكذب، لكن قبول كذبته، هو الحل الوحيد لتبدو كذبتنا طبيعية أيضاً! ونقول: فلان راعي مصالح، ولا نقولها إلا حين تكون لنا مصلحة في قولها! الحقيقة أننا أمة لا تعرف الكذب أيضاً، وليس أبداً! • قال: أحس أنني مصاب بانفصام شخصية، قلت: لا تكن موسوساً، أعرفك جيداً، منذ سنين طويلة، اطمئن، أنت لا تعاني أبداً من وجود شخصية!