فاز الزعيم المسيحي ميشال عون برئاسة الجمهورية اللبنانية أمس بعد حصوله على الأكثرية المطلقة من أصوات مجلس النواب بعد عامين ونصف العام من شغور المنصب جراء انقسامات سياسية حادة، وبعد تسوية وافقت عليها غالبية الأطراف السياسية. وتعهد عون خلال خطاب القسم أمام مجلس النواب بأن يبقي لبنان بعيداً عن نيران النزاعات المشتعلة في المنطقة، مؤكداً عزمه إطلاق خطة اقتصادية تغير المسار المتدهور حالياً في البلد الصغير ذي الإمكانات الهشة الذي يئن تحت وطأة وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على أرضه. وفور إعلان رئيس البرلمان نبيه بري فوز عون، انطلقت المفرقعات في مناطق لبنانية عدة احتفاء بالفوز. وسارت المواكب السيارة التي تحمل صوره والأعلام البرتقالية الخاصة بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه، وبدأت الاحتفالات في مناطق عدة. ووصل عون عند حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي في موكب رسمي إلى القصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت حيث استقبله الحرس الجمهوري والفرقة الموسيقية التابعة له، وتم إطلاق 21 طلقة مدفعية ترحيباً به. وقال في خطاب أدلى به بعد انتخابه وبعد إدلائه بالقسم الدستوري أمام النواب، إن «لبنان السالك بين الألغام لا يزال في منأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة. ويبقى في طليعة أولوياتنا عدم انتقال أي شرارة إليه». وأضاف «من هنا ضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية». ويعد حزب الله الذي يقاتل منذ العام 2013 إلى جانب النظام السوري، حليف عون الرئيس منذ العام 2006. ويتهمه خصومه بأنه يعرض لبنان المنقسم على خلفية النزاع السوري، للخطر بتورطه في سوريا. وقال عون «علينا معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة للنازحين، ساعين إلى ألا تتحول مخيمات وتجمعات النزوح إلى مخيمات أمنية». وتابع «لا يمكن أن يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين». ومنذ اندلاع النزاع في سوريا منتصف مارس 2011، لجأ أكثر من مليون سوري إلى لبنان. ودعا عون إلى إطلاق خطة اقتصادية «تغير اتجاه المسار الانحداري». ويرزح لبنان تحت وطأة أزمة اقتصادية صعبة تضاعفت خلال عامين ونصف العام من شغور المنصب الرئاسي الذي انعكس شللاً في أداء المؤسسات الرسمية وفي تفاقم أزمات معيشية واجتماعية عديدة. وأعرب الوزير المستقل بطرس حرب الذي كان أعلن قبل الجلسة معارضته لانتخاب عون عن أمله «في أن نعيد بناء الدولة بعدما هدمناها عامين ونصف العام». وقال النائب سليمان فرنجية الذي كان مرشحاً أيضاً للرئاسة إلى أن أعلن عشية جلسة الانتخاب أنه لن يقف في وجه «التسوية الوطنية»، داعياً مؤيديه إلى التصويت بورقة بيضاء، «الانتخابات الرئاسية استحقاق ديمقراطي ونحن نحترم النتيجة ونعترف بالرئيس وسنقوم بواجباتنا تجاهه». وحضر جميع أعضاء مجلس النواب ال127 «من أصل 128 بسبب استقالة أحدهم منذ أشهر» جلسة الانتخاب. وفاز عون بأكثرية 83 صوتاً، بينما وجدت 36 ورقة بيضاء، وسبع أوراق ملغاة، وصوت للنائبة ستريدا جعجع. وبات عون الرئيس الثالث عشر للبنان، ويكون بذلك حقق حلماً مزمناً لأنصاره في هذا البلد الصغير المتعدد الطوائف، بدأ مع انتقاله من قيادة الجيش إلى رئاسة حكومة مؤقتة في نهاية الثمانينيات، وصولاً إلى تزعمه أكبر كتلة نيابية مسيحية منذ العام 2005.