تسلم القضاء الفرنسي أمس شكوى تتعلق باختفاء فرنسيين من أصل سوري عام 2013 في سجون النظام السوري، وهو إجراء قد يؤدي للمرة الأولى إلى تعيين قاض للتحقيق في تجاوزات منسوبة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقدمت الشكوى باسم الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان، وانضم إلى هاتين المنظمتين عبيدة دباغ شقيق الضحية الأولى وعم الضحية الثانية. وقدمت الشكوى إلى القسم المتخصص بالنظر في جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وقالت المحامية كليمانس بكتارتري منسقة مجموعة العمل القضائي في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان إن الشكوى تتضمن التحقيق في «عمليات اختفاء قسرية» و»أعمال تعذيب» و»ارتكاب جريمة ضد الإنسانية». واعتقل مازن دباغ (57 عاما) وابنه باتريك (22 عاما) في نوفمبر عام 2013 على أيدي ضباط قدموا أنفسهم على أنهم في الاستخبارات الجوية الذائعة الصيت، حسب ما جاء في الشكوى. ونقلا إلى سجن المزة، الذي تتردد معلومات كثيرة حول تحوله إلى مركز تعذيب، ومنذ ذلك التاريخ لم يظهر لهما أي أثر. ويمكن أن يعتبر القضاء الفرنسي صاحب حق بالنظر في هذا الملف لأن المختفيين يحملان أيضاً الجنسية الفرنسية إلى جانب الجنسية السورية. وقال باتريك بودوان الرئيس الفخري للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان في مؤتمر صحافي عقده في باريس إن «نظام بشار الأسد لم ينتظر إلى العام 2011 لكي يصبح قمعيا بشكل مرعب، إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ يقف وراء أشنع الفظائع التي ترتكب في هذا البلد». وتابع بودوان: «أمام العجز عن إمكانية التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر في الجرائم التي ترتكب في سوريا، حان الوقت لأن تقوم السلطات القضائية في دول أخرى بفتح تحقيقات حول الجرائم التي يرتكبها نظام بشار الأسد». ويأمل مقدمو الشكوى تعيين قاضي تحقيق للنظر في هذا الملف. وأضافت المحامية كليمانس بكتارتري: «ستكون سابقة على المستوى الأوروبي» مضيفة: «حالياً تسلمت بعض المحاكم قضايا تتعلق بجرائم ارتكبت في سوريا خصوصا في السويد وألمانيا وبريطانيا والنمسا. إلا أن هذه التحقيقات والملاحقات لا تشمل الجرائم المنسوبة إلى نظام بشار الأسد». وتابعت: «إذا كانت فرص التوصل إلى محاكمة بشأن هذا الملف ضعيفة، فإن بإمكان القضاء القول أن جريمة ضد الإنسانية قد ارتكبت وتحديد مسؤوليات». وفي فرنسا توجد شكاوى عدة ضد النظام السوري، إلا أنه لم يعين بعد قاض لأي منها. والقضية الأبرز تخص ما يعرف ب «قيصر» وهو الاسم المستعار لمصور كان يعمل لدى الشرطة العسكرية السورية فر إلى الغرب عام 2013 ناقلاً معه 55 ألف صورة لأكثر من 10000 شخص قتلوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري. وفتحت النيابة العامة في باريس في الخامس عشر من سبتمبر تحقيقاً أولياً استناداً إلى «الصلاحيات العالمية» بشأن حصول «جريمة ضد الإنسانية» تتمثل في عمليات خطف وتعذيب قام بها النظام السوري.