عُقد في داخل المملكة ثلاثة لقاءات علمية-مهنية لعلم النفس السريري «Clinical Psychology» خلال هذا العام الميلادي «لا الشمسي» بهدف الارتقاء بهذه المهنة وتطوير مُختصيها لتقديم أفضل سبل الرعاية النفسية لذوي الاحتياج والعمل على تحسين جودة الحياة للجميع. جاءت هذه اللقاءات كاستجابة طبيعية لانتشار عديد من المشكلات والاضطرابات النفسية والسلوكية في المجتمع السعودي أسوة ببقية شعوب المعمورة. يُضاف لذلك زيادة مستوى الضغط النفسي «Stress» الذي يتعرض له الأفراد والأسر نتيجة أحداث الحياة المَعيشة، فالوضع الداخلي «كالتطرف والإرهاب والحرب الدائرة والوضع الاقتصادي العام» والإقليمي «في الشام واليمن والعراق ودور محور الشر إيران في زعزعة أمن المنطقة» والعالمي «كالتلويح بحرب عالمية ثالثة وجاستا وصراع الشرق والغرب»، الجميع يُمثل في الحقيقة مصدر ضغط نفسي شديداً تستجيب له «النفس البشرية» بنشأة عديد من الاضطرابات النفسية وعلى رأسها الكآبة والقلق، ويستجيب له «العقل الإنساني» بظهور عوارض الهلوسة والضلالات والهوس، ويتفاعل معه «البدن الضعيف» من خلال انتشار أمراض «الجسدنة» التي تظهر بصور عضوية رغم أنها نفسية المنشأ. وكما هي طبيعة الضغوط النفسية ليس لها نهاية، تفاجأ الجميع بضغط نفسي بإلغاء وإيقاف عديد من البدلات والعلاوات لمسببات تتعلق بالوضع الاقتصادي العام، وما لبث الجميع إلا وتعايشوا «Well-coped» برضا مع ذلك كونه مطلباً وطنيّاً. المُفجع والمُحبط أن يظهر الثلاثي الوزاري «وزير المالية ووزير الخدمة المدنية ونائب وزير التخطيط والاقتصاد»، ليُقال علانية إن الوطن على حافة «الإفلاس» وإن مستوى إنتاجية المُوظف لا تُعادل ساعة من نهار، مثل هذا مصدر لضغط نفسي مُرتد يُضاف لما سبقه. من هنا كانت الحاجة ماسة لتفعيل دور علم النفس السريري، كونه المهنة الصحية التي تتعامل مع الضغط النفسي وما يُخلفه من معاناة نفسية وعقلية وبدنية وسوء جودة حياة، وتطوير مختصيها للنهوض بالصحة النفسية «الفردية والأسرية والمجتمعية» علاجاً ووقاية وفهماً. والسؤال: هل كانت تلك اللقاءات العلمية الثلاثة المحلية لعلم النفس السريري مُصادفة أم تلازماً وتزامناً مع الأحداث الضاغطة المَعيشة؟. للحديث بقية.