حينما اكتشف العلماءُ بصمة الإنسان؛ ظننا أنها هي الوحيدة التي خلقها الله تعالى، لا تتطابق فيها بصمتان معاً، ولكنني أحسب، وفق اجتهادي الافتراضي المحدود، أن كلّ شيءٍ خلقه الله تعالى؛ هو بصمة بذاته لا يتطابق مع مثيله من نفس الصنف أبداً؛ فحينما ننظر إلى قطيعٍ من الزرافات نظن لأول وهلة أن الأشكال التي تزين أجسامها متطابقة في كل الزرافات، بينما هي مختلفة، لا تتطابق في زرافتين أبداً! وكذلك الخطوط التي تزين أجسام حمار الوحش، لا تتطابق فيها واحدة مع أخرى إطلاقاً، وكذا بالنسبة للأشكال على أجسام النمور والفهود وأبقار الجاموس، وحتى الطيور، فمثلاً: لن تجد «توزيع» الأشكال والألوان التي تزين ذيل طاووس تتطابق مع ذيل طاووس آخر، وإنْ تبدّى لك ذلك! بل وحتى أوراق الشجرة الواحدة، لا تتطابق فيها ورقتان معاً، ولو كانت في غصن واحد، وكذا الثمار من نفس الصنف، فمثلاً: لن تجد خدوش ملمس قشرة برتقالة تتطابق مع خدوش أخرى أبداً، والأعجب من هذا: لن تجد صوتَ إنسانٍ يتطابق مع صوتِ إنسانٍ آخر إطلاقاً، والأعجب منه: أن لا تجد مشية أحدنا تتطابق مع مشية آخر، والأعظم من هذا وذاك: لو نظرنا إلى السماء والمدارات والأفلاك والعدد اللامتناهي من الكواكب والنجوم، هل يستطيع علماءُ الفلك أن يأتونا بنجمين أو كوكبين متطابقين؟ كلا، بل كل مفردة خلقها الله تعالى، من صنفٍ واحدٍ؛ تُعدّ بصمة بذاتها؟ بينما ما تصنعه مصانع البشر «من نفس الصنف» نجدها متطابقة لا بصمة متفردة تميز واحدة عن أخرى. انتهت المساحة ولم تنتهِ الأمثلة التي تتراكض في ذهني دون نهاية، ففكر أنت أخي الكريم، وستجد أمثلة لا حصر لها في ملكوت الله الخالق المتفرد. عفواً، يؤسفني أنْ أسمع أنّ مِنْ أبناءِ جلدتنا من يعلن عدم إيمانه بوجود خالقه؛ لأنه لم يره، بينما يؤمن بوجود الهواء، مع أنه لم يره، ولن يراه!