أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها تنشر وتتحدث بين الحين والآخر عن كثرة وزيادة شكاوى العملاء، وتدني مستوى خدمة العملاء وسوئها لدى بعض الشركات والمؤسسات الخاصة، وبعض المحلات التجارية كالمعارض، ومحلات بيع الأطعمة كالمطاعم والمطابخ والبوفيهات. والإنسان يشتكي عادة عندما لا يحصل على خدمة جيدة من المؤسسة التي يتعامل معها، أو عندما يحدث تناقض بين ما يحصل عليه من خدمة مع ما كان يتوقعه من الشركة، أو حينما يشعر العميل بعدم مبالاة من مقدم الخدمة من خلال تجاوبه السيئ أو البطيء في معالجة المشكلة. والنقطة الأساسية هنا هي أن بعض الشركات لا تأخذ شكاوى العملاء على محمل الجدية، وتنظر إليها على أنها ظاهرة طبيعية وعادية في حياة عمل أي منشأة تجارية، وبالتالي لا ينبغي أن تضيّع وقتها وجهدها على دراسة وتحليل شكاوى العملاء وملاحظاتهم التي لم ولن تؤثر على مبيعات الشركة وأرباحها ومنتجاتها، لذا نجد بعض الشركات لا تعرف معنى تطوير مستوى خدمة العملاء، ولا تبالي بالشكاوى رغم تكررها. إن تجاهل شكاوى العملاء من قبل بعض الشركات والمؤسسات سيؤدي حتماً إلى تخلي العملاء عنها يوماً ما، وبالتالي خسائر مادية كبيرة على المدىين المتوسط والبعيد، إضافة إلى التأثير السلبي على سمعتها، فالدراسات تؤكد أن من يتلقى خدمة رديئة يخبر من 10 20 شخصاً، لأن العميل الغاضب من الخدمة السيئة يخبر أقاربه وأصدقاءه ومعارفه وكل من يقابله في مجالسه الخاصة انتقاماً من الشركة والمؤسسة. وهناك سببان رئيسان لعدم الاهتمام بشكاوى العملاء لدى بعض الشركات والمؤسسات، السبب الأول هو افتقار موظفي خدمة العملاء إلى المهارات اللازمة للتعامل مع شكاوى العملاء بأسلوب احترافي كحسن الإنصات للعميل، واحترامه، والصدق معه، والرغبة في مساعدته، والاعتذار منه، والوفاء له بالوعود، والإطراء عليه، والرد على رسائله الإلكترونية، ومكالماته الهاتفية، والترحيب به حين قدومه، وتوديعه حين رحيله، وتجنب العبارات السيئة معه، وبناء علاقات إنسانية مع العميل. السبب الثاني هو وجود قناعة لدى بعض الشركات والمؤسسات أن العملاء سلبيون ودائمو التذمر والشكوى، وأن رضاهم غاية لا تدرك، ومهما تقدم من خدمات ستجد أناساً غير راضين تمام الرضا، إضافة إلى أن بعض العملاء لا يمتلكون حسن التصرف مع موظفي الخدمة كالهدوء وعدم الانفعال وحسن الخلق في تقديم الشكوى، وكذلك عدم معرفتهم بالآليات القانونية في عرض شكويهم وملاحظاتهم. فالشركات والمؤسسات بحاجة ماسة إلى إعادة فهم عميق لمصطلح شكاوى العملاء، وأن تجعل ملاحظات عملائها وشكاواهم لها الأولوية الأولى عندها، وأن تهتم بها اهتماماً كبيراً لأنها هي السر الحقيقي وراء نجاح أي شركة وتطورها. من شكاوى العملاء تأخذ الشركات والمؤسسات الكبرى المتميزة عالميّاً الملاحظات المهمة لتحسين الخدمة والسلعة، وتعدُّها بمنزلة هدية ثمينة يُشكرون عليها، لأنها تساهم بشكل إيجابي في تحسين أداء الشركة والمؤسسة، وتستفيد من شكاوى عملائها استفادة كبرى في تحسين خدماتها وتطوير منتجاتها، وبالتالي تزيد زبائنها ومبيعاتها وأرباحها. يقول بيل غيتس مؤسس شركة ميكروسوفت العالمية إن أفضل مصدر للتعلم والتحسين هو شكاوى العملاء.