العلاقة بين العسكر وعموم الشعب علاقة تحكمها الهيبة أكثر من الود، والعسكر كلمة تشمل كل العاملين في القطاعات العسكرية دون النظر لنوع المهام التي يمارسونها، والشعب أقصد بها أي شعب على اختلاف الجنسيات. ويعود سبب الهيبة التي تشكل معالم علاقتنا وتعاطينا مع العسكر لعدة أسباب على رأسها الجرعات التربوية الصغيرة التي تلقيناها خلال نشأتنا حينما كان الوالدان يحاولان تخويفنا ب «الشرطي، العسكري» حينما نخطئ، والسبب الثاني الذي يعزز هذه الهيبة الدفينة في نفوسنا تجاه العسكر هو وعينا بأن المهام التي يمارسونها عموماً خطرة بذاتها أو تقوم على مواجهة خطرٍ ما، لذا تتراكم الهيبة في ذواتنا إما بداعي الخوف أو أنها وليدة التقدير تجاه التصور البطولي لشخوص العسكر. وخلال موسم الحج وصلتنا صور بالآلاف تظهر الجانب الإنساني للعسكر خلال تعاملهم الرحيم مع ضيوف الرحمن، صور تزعزع المفاهيم القديمة وتؤكد على حقيقة أن الهيبة لا تعني بالضرورة الخوف وأن الإنسان الكامن تحت اللباس الرسمي يشبه أيّاً منّا. ومحاولة التعليق أو تحليل تلك الصور ستؤدي لا محالة إلى بناء الحب كصفة حديثة تحكم علاقتنا بالعسكر، وأجد أن سنام تلك الصور هو صورة الحاج الذي أشيع أنه بوسني الذي تملكته حالة شعورية عميقة حينما شاهد الكعبة المشرفة لأول مرة في حياته لينخرط في حالة بكاء وتأثُّر ولم يجد آمَن من صدر عسكري يرتمي عليه بحثاً عن الدعم، والشاهد فيها أنه من المستحيل أن تلجأ في لحظات ضعفك لحضن مخيف. جمان: ترسُّخ مفهوم الأمن القائم على الحب والإنسانية لا يلغي الهيبة تجاه العسكر، لكن النُّسك الذي يستوجب تأمين بيت الله للطائفين والعابدين له جانب قوة وحزم نجحت الصورة في عدم التركيز عليه وهذا نجاح عسكري جبار، وبالمناسبة للإعلام يد طولى فيه.