أهناك شعب تستطيع أن تطلق عليه مصطلح الشقاء غير الشعب الإيراني؟ لا أعتقد ذلك، فقد مُورست عليه أبشع أنواع الاضطهاد وصُودر حقه في الحرية والعيش الكريم. من ينظر لمكونات الشعب الإيراني يجد أن الفُرس يتولون زمام القيادة في كل شيء بالرغم من كونهم لا يشكلون النصف من توزيع الأقليات داخل البلاد؛ وهذا أكبر دليل على أن العمل الديمقراطي في إيران ليس إلا أكذوبة لأهداف سياسية قد تدمر البلاد بأكملها. لقد سيطر الفرس على القرار السياسي وأخذوا بزمام الأمور يقودون تلك الطوائف إلى حتفها، وليس كل الفرس أيضاً بل أقلية منهم، لا يردعهم لا عقل ولا حكمة. لقد مارس الخميني عندما عاد من فرنسا عام 1979م سياسة تصدير الثورة، وقد كانت من أولويات الحكومة الإيرانية وما زالت، فساقها ذلك لحرب مسلحة مع العراق، وقد زجَّ السياسيون المعتوهون بأبناء شعبهم لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، استمرت تلك المعارك ثمانية أعوام، استنزف فيها القادة مقدرات الشعب الإيراني من أموال وقدرات بشرية هائلة، ومع ذلك خرجت إيران منها تجرُّ أذيال الخيبة ولم تحقق إلا اكتظاظ المستشفيات بالجرحى والمعاقين. لكن مبدأ تصدير الثورة لم يرتدع من ذلك الدرس، فقد حاولت إيران إعادة الكرَّة بعد سقوط العراق بيدها، ففعلت بشعبها أسوأ من قبل. فقد رهنت ميزانية البلاد لهذا الهدف، حيث قامت بإنشاء جماعات مسلحة في كل من لبنانوالعراق واليمن، ففي لبنان قامت بإنشاء كيان مواز داخل الدولة وتحمَّل الشعب الإيراني دفع فاتورة ذلك الكيان، والنتيجة أن هذه الأموال تبدَّدت وخسر الحزب كل شيء بسبب الثورة السورية، أما في اليمن فقد كانت الخسارة أعظم من ذلك، حيث قامت برهن نصف ميزانية البلاد لإنشاء كيان مواز، وقد دعمت ذلك الكيان بالمال والسلاح والتدريب، وفي لحظة فارقة أعلنت السعودية «عاصفة الحزم» تاركةً تلك الأموال في مهب الريح. ولم تترك الأزمة السورية شيئاً لذلك الشعب المكلوم، فحتى الرفاهية التي كان يعيشها رجال الدين ويقتات عليه البسطاء والعمال وبقية الناس وهبوه للروس من أجل إنقاذ ذلك البند في الدستور الذي ينص على التمدد. وكأنه قد كُتب أن لا تقطر قطرة من عرق أجير في طهران إلا ويذهب أجرها إما إلى الضاحية الجنوبية أو إلى صعدة أو للحشد الشعبي. ولم يتوقف أولئك المعتوهون عن ظلم شعبهم، حيث كسبوا عداء العالم الإسلامي والعربي من خلال إثارة المشكلات والعبث بأمن الدول المجاورة، حتى وصل بهم الأمر إلى أن يسيِّسوا الحج حارمين شعبهم من أداء أعظم فريضة يؤدِّيها المسلمون. ألم يكن بناء الإنسان هو العمل الأخلاقي الذي تسعى إليه البشرية بدلاً من التدمير الذي أصبح وثيقة عمل سياسية لقادة إيران؟! إن هذا الشعب ظُلم بما فيه الكفاية وحان الوقت للوقوف أمام هذه التصرفات التي يقوم بها رجال لا يرقبون فيهم إلّّاً ولا ذمة.