«ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب»، ومن أهم هذه الشعائر الحج الذي أمر الله بتعظيمه «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج»، حتى يكون القلب نقيا تقيا لا يشغله سوى الخشوع والذلة لله تعالى، ولا مكان فيه لاستعراض الأيديولوجيات والولاءات والإحن التي تفرّق العالم الإسلامي طوال العام، ويصر بعض المتطرفين فكريا وسياسيا على جلبها في هذه الأيام المعدودات للتسويق والترويج لأفكارهم ومخططاتهم. في هذا العام تحرم إيران مسلميها من الحج للمرة الثانية من تاريخ استلام ثورة الملالي الحكم، ولنفس الدوافع والمبررات. كانت الأولى بعد عام 1987 الذي شهد مظاهرات قام بها أفراد بعثة الحج الإيرانية بقيادة الباسيج وحرس الثورة، ونتج عنها مئات الوفيات والمصابين من حجاج من مختلف الجنسيات. وبعد إصرار السعودية على عدم السماح بمثل هذه المظاهرات في مواسم الحج، رد الخميني بتعليق الحج ثلاث سنوات معللا تعطيله أحد أركان دين الإسلام بإضافة شرط لوجوب تحقق الحج؛ وهو ألا يلزم من الحج إذلال المسلمين، معتبرا منع التظاهر السياسي ضربا من الذلة. متجاهلا أن الإيمان بالله لا يتغير لكن المواقف السياسية تتبدل، فأمريكا التي كانوا يلزمون حجاجهم بالتنديد بها تحت شعارات البراءة، ويرونها شيطانا أكبر أصبحت الحليف الأكبر بسبب المصالح المشتركة التي جعلت من مشركي الأمس شركاء اليوم.