عادة أحتار في كتابة مقدمة المقال.. ولكني سأبدأ التقديم لما أنا بصدد كتابته، بسطور من مقال قرأته واستفزَّني وأفزعني، ولا شك أنه سيثير مخاوف كثير منكم، أقتطف من المقال هذه الجزئية لتكون باباً لما سأعلق عليه وما أثار فضولي وشجوني.. «الأحداث الحاضرة في المنطقة والاستهداف الممنهج لدولها أمر دُبِّر بنهار شمسه ساطعة، ومن دون حاجة إلى مراكز دراسات وتفكير استراتيجي، إذ كان من الواضح بعد ردود فعل الإدارة الأمريكية (الأولية) على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) أن هناك توجهاً شريراً مقبلاً يستهدف الإسلام والمسلمين، شعوباً ودولاً، وفي مقدمتهم السعودية، ومختلف الدول العربية. تم تحديد العدو والبدء بتحطيم الدولة العراقية وتسليمها لإيران. فالفكرة الأمريكية الغربية تتلخص في استخدام هوس تصدير الثورة الطائفية الإيرانية واستدراجها لضرب المسلمين السنة، دولاً وشعوباً». هذا ما كتبه عبدالعزيز السويد في مستهل مقاله ضمن عموده اليومي في جريدة الحياة. حين أعلنت ممثلة المفوضية العليا للسياسة الأوروبية والخارجية السيدة موغريني، في فيينا في شهر يوليو من عام 2015م، وصول المتفاوضين الأوروبيين إلى اتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي بموجبه تم الإفراج عن جزء كبير من الأرصدة المجمدة في البنوك الأوروبية، ورفع حظر بيع السلاح لإيران بما يمكنها من شراء الأسلحة بقيود جديدة لم يعلن عن تفاصيلها، كان ذلك يعد مؤشراً لاتفاق جديد مع الإيرانيين خططت له الدول الأوروبية مع أمريكا، لتلعب إيران دور الشرطي الأوروبي الجديد في المنطقة، وهو دور لم يعد خافياً عن تفكير أبسط إنسان لا تعنيه السياسة، وقد اتضح هذا الدور خلال العامين الماضيين، الذي أتاح لإيران الخمينية أن تمسك بخيوط كل المؤمرات والأزمات التي تمر بالمنطقة بتدخلها في الأحداث السورية وما يدور في اليمن من صراع، وما آل إليه وضع لبنان كدولة بلا رئيس منذ أكثر من عام، وأعود لسؤال طرحه الأستاذ السويد: «أين كان المستهدَفون العرب من كل هذا، وكيف تم التخدير السياسي والدبلوماسي طوال مدة (مفاوضات) الملف النووي الإيراني؟». إن البحث عن أسباب الغفلة أو التغافل عن كل هذه التطورات في غاية الضرورة للتخلص منها، فهي مع دبلوماسية وسياسة المجاملة، التي طبعت العلاقات العربية – العربية، وإلى حدٍّ ما العلاقات العربية – الإيرانية، ردحاً طويلاً من الزمن، أسهمت في تغول إيران وظهورها ثوراً هائجاً يستخدمه الأمريكي والغربي وتالياً الروسي. ستبدأ إيران في لعب دور شرطي المنطقة كما كان الشاه سابقاً مع أمريكا ولكن بلا تطبيع، حيث هنا العلاقات الإيرانية – الأمريكية لن تكون متوطدة كما يظن بعضهم، وإنما هي من باب تبادل المنافع، حيث توفر الولاياتالمتحدة عبر مستشاريها العسكريين والغطاء الجوي الدعم للميليشيات الشيعية في العراق التي تتبع إيران، وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمواقع داعش، حيث ترى أمريكا في إشراك إيران في الحرب على داعش، أنه من أهم الأدوات للقضاء على التنظيم، بينما في الواقع وبموجب ما تم الاتفاق عليه تحت الطاولة، أنه يتيح المجال للمد الشيعي وتهجير أهل السنة في العراق والقضاء عليهم، وهذا ما يؤكد أن المخطط الإيراني الأمريكي في المنطقة هو البديل أو المتمم للمخطط الصهيوني في المنطقة، بل يتقاطع معه ويحقق نفس أهدافه، ببسط نفوذ التشيع وفرض سياسات التقسيم.