طفل لم يتجاوز الخامسة من العمر يجلس على كرسي كبير، يشبه وسع هذا العالم، ودماء تغطي الجانب الأيسر من وجهه، وعيناه بالكاد يمكنهما التمييز بين الوجوه، وصمت مريب أعلن به للعالم أنه فقد كل شيء، صمت كسر صمت كل الشعوب بكل دياناتها، وعيون شعوب بكت وهو لم يبك، صورة التقطت لتجمع مأساة مجتمع أبى أن يصمت في وجه الظلم، أبى أن يعلن الخضوع للاستبداد، وآثر أن يقدم روحه للوطن والإنسانية، شعب قتل وعذب بطرق غير إنسانية. سوريا، الدولة التي خاضت الثورة والحرب لسنوات عديدة، اللتين خلفتا فئة فضلت أن تحمل أطفالها إلى مجتمع آخر، ليس عربياً بالأحرى فهم لا يقدمون المساعدات إلا للمصالح الشخصية، بل إلى دول الغرب الذين سميناهم «كفارا». الطفل البريء الذي قدم عائلته لوطنه، للحصول على صرخات الناس، هتافاتهم، ولأول مرة يقول العرب كفى!، بل ولأول مرة يقول شيئا على الإطلاق!. في السابق، سوريا هتفت ونادت للمساعدات، فقام بعض «المشاهير» إعلامياً بتجميع التبرعات، كان الأمر جميلا ومسليا ليومين، فرحنا وعلم الجميع بأن ذلك «المشهور» محب للعطاء. والآن ماذا؟ ماذا بعد هذا العدد من الوفيات والجرحى، ماذا بعد فضيحة اللجوء إلى الغرب، ماذا بعد العار الذي سببه «الكفار» عند استقبالهم الإنساني ل «المسلمين»، ألم نخجل بعد؟ ألم نفكر بعد أن الإنسانية والضمير ليسا مقتصرين على دين؟ ألم يقدر ذلك «الكافر» أو تلك «المتبرجة» أن تغرد بتويتر وتكتفي ب «هاشتاق» كما نفعل؟ وفي ذلك اختصر الثائر جيفارا بقوله: «إذا فرضت على الإنسان ظروف إنسانية ولم يتمرد، فسيفقد إنسانيته شيئاً فشيئاً».