لم تكن مساعدة الفلسطينيين المُحاصَرين في غزة أمراً سهلاً في الأصل، لكن مخاوف العاملين الإغاثيين من تعقُّد مهامهم في القطاع تتزايد. والسببُ اعتقالُ الاحتلال الإسرائيلي مسؤولَين في منظماتٍ دولية بتهمة «مساعدة حركة حماس». ووفقاً لمصادر مطَّلعة؛ أثار الإعلان عن هذين الاعتقالين شعوراً بالصدمة بين آلاف الفلسطينيين والأجانب العاملين في منظمات إنسانية وإنمائية في القطاع الفقير. وتلقَّى هؤلاء بمزيجٍ من الذهول والتشكيك والمراجعة الداخلية اتهامَ «مساعدة حماس» المُوجَّه إلى مدير منظمة «وورلد فيجن» المسيحية الخيرية، محمد الحلبي، والمهندس وحيد البرش الذي يعمل في برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وعلَّقت ألمانيا وأستراليا مساعداتهما المقدَّمة إلى «وولد فيجن»، ما أثار تساؤلاتٍ عن ثقة الجهات المانحة. ولا يكشف العاملون في المجال الإنساني عن هوياتهم لدى الإدلاء بأحاديث صحفية، كي لا يعرِّضوا للخطر أنشطتهم. وما زال الاحتلال الإسرائيلي في حالة حربٍ كامنةٍ ضد حماس. وتسببت 3 حروبٍ فضلاً عن حصار في أزمة إنسانية واقتصادية في غزة حيث يعتمد ثلثا السكان على المساعدة الأجنبية. ويزعم الاحتلال أن محمد الحلبي ووحيد البرش ليسا حالتين معزولتين، إذ تحدث السفير الإسرائيلي لدى الأممالمتحدة، داني دانون، عما سمَّاه «نزعة مقلقة للاستغلال المنظم للمنظمات الأممية» من قِبَل حماس. واتهمت أجهزة أمن الاحتلال الحلبي ب «اختلاس» عشرات ملايين الدولارات لمصلحة حماس، فيما اتهمت البرش ب «الموافقة على نقل ركام من موقع مشروع ينفذه برنامج الأممالمتحدة» لاستخدامه في بناء رصيف بحري تستفيد منه الحركة الفلسطينية. أرقام مبالغ فيها وحيال الحملة الإسرائيلية المنسقة؛ يعارض كثيرون الفكرة القائلة بتفشي الفساد في مجال العمل الإنساني، مشيرين إلى عمليات مراجعة وتدقيق مالي صارمة. ويعرب هؤلاء عن شكوك عميقة حيال عناصر الإثبات التي نُشِرَت ضد مدير «وورلد فيجن»، ويجدون عدم اتفاقٍ بين الواقع وحجم المساعدة التي قيل إنها مختلَسة. ومع إعلانها الإسراع في إجراء تحقيقاتها الخاصة؛ رأت «وورلد فيجن» في الأرقام التي طرحتها إسرائيل عدمَ واقعية، كون المبالغ التي اتُّهِمَ الحلبي باختلاسها أكبر من ميزانية المنظمة في غزة. ولم يسَع منسق الشؤون الإنسانية الأممي في الأراضي الفلسطينية، روبرت بيبر، سوى الإعراب عن «قلقه العميق» بشأن المنظمات غير الحكومية. وورَد اسم منظمة أخرى كبيرة هي «سايف ذا تشيلدرن (أنقذوا الأطفال)» غير الحكومية في الاتهام الموجه إلى الحلبي. ويزعُم الإسرائيليون أن الحلبي والبرش أبلغا المحققين أن موظفي منظمات غير حكومية أخرى كانوا يساعدون حماس. إلى ذلك؛ أشار الخبير في مجموعة «آر يو إس آي» البريطانية للدراسات، طوم كيتينغ، إلى احتمال تجاوُز العواقب الإطار الإسرائيلي- الفلسطيني. وألمح إلى إمكانية إعادةِ المصارف، التي تتحفظ عن تقديم خدماتها في المناطق المعرضة للخطر، النظرَ في الوقت الراهن في مواقفها من منظمات غير حكومية كبيرة في غزة وسوريا واليمن وسواها. و»هذا ليس حكماً بالإعدام ولكنه خطير»، بحسب كيتينغ.