في عام 2004 أعلن أحد رؤساء الغرب بصراحة علنية «أن الحرب الصليبية عادت مجددا»، وذلك إبان الحرب على العراق، مشيراً إلى أن مشروع الإسلام فوبيا قد ابتدأ. وهذا المشروع قد ينظر إليه بعين الانفعال على أنه مؤامرة خبيثة هدفها الحرب على الإسلام وأهله، وقد ينظر إليه بعين العقل، على أنها ردة فعل منطقية لخوف الغرب من تمدد الإسلام لدولهم ووصوله لنهاية المطاف لأن يدير دفة الحكم في بلادهم. وليس أمامهم لوقف التمدد سوى خلق مشروع مضاد هدفه زرع كراهية الإسلام في نفوس أبنائهم عبر مخطط محكم رسمه وضمن نجاحه ضباط مخابراتيون وعلماء نفس حربيون. ولقد رُسم المخطط من خلال تكنيكات نفسية، انبثقت من تطور علم النفس الحربي الذي مرّ تطوره بعدة مراحل، فبعدما كانت تقتصر على رفع دافعية الجند للحرب أو تغيير أفكار الخصم وغسل أدمغتهم، انتقلت للعمل على نوع آخر من الحروب سمي بالجيل الرابع 4GW الذي يلعب على وتر انفعال الكراهية ضد أنصار الخصم من خلال تقنيات متعددة أشهرها «بناء عش الدبابير Hornet nest»، وما زال كثير من تلك التكنيكات متحفظاً على سريتها في أقبية المخابرات الغربية. وحيث إن نجاح صنع الكراهية ضد الإسلام تم من خلال أسلوب سري مخادع، فإنه يمكن بنفس الأسلوب صناعة المسيح فوبيا واليهود فوبيا، وذلك في حال توافر شروط معينة، أهمها وجود جهاز استخباراتي عالمي له صلات ونفوذ بأجهزة استخباراتية في دول كبرى، وجهاز إعلامي عالمي ودعم لوجستي ومالي، وقبل هذا وذلك تحديد جماعة متطرفة تتبع لذلك الدين المستهدف. ولعلنا نبسط لواحدة من تلك الخطوات التي تهدف لزرع الفوبيا الدينية: – القيام بجمع معلومات عن معتقد إحدى الجماعات المتطرفة Extremist محسوبة على ذلك الدين المستهدف، ويشترط فيهم أن يكونوا على منهج إقصائي دموي، وبالمناسبة، فإنه في كل دين أو ملة (مسلمين، مسيحيين، يهود، هندوس..) ستجد جماعة لديها تلك الصفات. – زرع عملاء سريين أذكياء داخل هذه الجماعة المتطرفة، (في الموساد لا يقل ذكاؤهم عن 140) ولا يقل دهاؤهم عن لورنس العرب، ليضمن هذا جودة تمثيل الأدوار وسرعة البديهة في التعامل مع المواقف الحرجة. – من طبع أي جماعة لها فكر إقصائي دموي أن تتصادم مع أمن الدولة، وفي حال الصدام تكون الجماعة أمام احتمالين: إما أن تتلاشى أو تتضخم، فإن وجدت دعماً مادياً وغطاءً معلوماتياً تضخمت وإلا تلاشت كما تلاشت جماعة جم جونز المسيحية وجماعة جهيمان. – خلال الصدام وحصول الإرباك داخل الجماعة أثناء المواجهة مع أمن الدولة تطغى الأصوات الأكثر تطرفا لسن سياسة أكثر دموية ولو على حساب فصل الجماعة إلى جماعتين كما انفصلت جماعة داعش من جماعة القاعدة. ومرحلة الانفصال هذه هي أهم مرحلة للعملاء السريين للوصول لسلم القيادة. – عندما يدخل غرفة قيادة الجماعة عملاء سريون فإنه يسهل ربطهم برعاة المخطط، ويسهل توفير الدعم اللوجستي والمادي لهم، ولذا تزداد صلابتها بدلاً من ذبولها ويتضاعف تجيشها بدلاً من هزيمتها. – تقسم مستويات إدارة الجماعة إلى ثلاث إدارات متفاوتة المستويات وهم القادة والأمراء والبيادق، فالقادة هم من يتولون التخطيط للعمليات الإرهابية، والأمراء هم من يتولون أدلجة البيادق، أما البيادق فهم الأدوات التي تمثل وقود العمليات الإرهابية. وهذا التقسيم المتدرج الطولي يفيد في فصل كل مستوى عن الآخر، وذلك لضمان توجيه وبرمجة البيادق على نحو حر، وتُستغل ضرورات البيعة على السمع والطاعة في إلزام البيادق بعدم التدقيق في كل واردة وشاردة. ومما يزيد تعقيد التنظيم تعقيداً، أن التنظيم كما هو مقسم طولياً، فهو مقسم بشكل مستعرض على شكل عناقيد منفصلة بحيث يمثل كل عنقود خلية مستقلة بذاتها تحوي الثلاثة مستويات، وتتم الصلات بين الخلايا بشكل غير مباشر. – وجود العملاء السريين في عرش القيادة يضمن أن مؤسسة «عش الدبابير» قد اكتملت أركانها، فما دام أن قاع التنظيم يشكله أفراد سُذج يتولون تنفيذ العمليات الانتحارية بدافع ديني، وأن أعلى التنظيم يوجه قيادة سرية لديها أجندات مختلفة، فإن أركان الخراب والفوضى قد تلغمت في هذا التنظيم، وإن الاستنزاف والإنهاك للدولة قد تضاعف. – الآن أصبح القيام بأية أعمال إرهابية هدفه تشويه دين الدولة، فيكون التركيز على قتل الأبرياء والنساء والأطفال من الطوائف والأديان الأخرى لأجل تشويه سمعة هذا الدين وأتباعه واتهامهم بالوحشية. ولا يلزم أن تكون جميع تلك العلميات هادفة 100% بقدر ما أن تكون فوضوية. – العمل على تمدد تلك الجماعة في دول أخرى، ومن هنا فإن شعار «باقية وتتمدد» لم يأتِ من فراغ، كون هذا التمدد يضمن التمدد العالمي لكراهية هذا الدين ومعتنقيه. – مبالغة الإعلام الموالي للجهاز الاستخباراتي في تخويف العالم من خطر هذه الجماعة واللمز في دينها، ووصم أي أعمال إجرامية بأنها من تنفيذ أنصار هذا الدين. – من هنا يكون مشروع الدين – فوبيا قد تحقق، ويكون من مؤشراته تسلط الدول العالمية في المحافل الدولية لحرب ذلك الدين والتضييق على معتنقيه وتحقير أهله وأتباعه. – بعدما يتحقق هدف الدين فوبيا، يتم التخلص من أفراد الجماعة المتطرفة، بعدما يختفى القادة السريون عن الأنظار. وهكذا فإنه يمكن لمن يمتلك المقادير السابقة أن يشوه دين من يشاء، ويشتت دولهم وينهكها دون أن يطلق رصاصة واحدة عليها، كما يُمكن صنع دعشنة مسيحية أو دعشنة سنية أو دعشنة شيعية أو دعشنة يهودية لأجل ضرب معتقدها. إن مخطط دعشنة السنة قد خطا خطواته، وكان على المسلمين التفكير بمخطط مضاد، أفكاره تعاكس مشروع الإسلام فوبيا. آخراً وليس أخيراً: مؤكد أنني أستطيع أن أشيطنك حتى ولو كنت أنا الشيطان وأنت الملاك.